Wednesday, August 19, 2015

خواطر حول موازنة مصر 2015-2016

التعليقُ على
ميزانية 2015-2016

أولاً: بند الأجور:
          بلغ بند الأجور فى القانون الصادر بالميزانية  218 مليار جنيه بزيادةٍ قدرها 8.5% عن العام السابق وقد أعلنَ أكثر من جهازٍ حكومىٍّ من بينِهم الجهاز المركزى للتعبئةِ والإحصاءِ أنَّ تضخمَ أسعارِ السلعِ الاستهلاكيةِ بلغَ 10.1%  ، بينما قدَّرَ بعض المحللينَ فى غيرِ السلعِ الاستهلاكيةِ أنَّ التضخمَ العام زادَ عن ضعفِ هذه النسبةِ بالنظرِ لتكاليفِ الحياةِ عمومًا بَدءً من تكاليفِ الحصولِ على المرتبِ وانتهاءً بمصروفاتِ أعالَةِ الأسرة العادية ، وقد زادتْ فئاتُ أسعارِ الكهرباء 20% ، كما إنه بالنظرِ إلى مخصصاتِ دعمِ الطاقةِ بالموازنةِ فإنه من المتوقَّعِ زيادة أسعارها .
          وإذا نظرنا إلى التقسيمِ الذى بينتهُ الموازنةُ لمبلغِ الأجورِ فإننا سنجدُ الآتى :
وظائف دائمة                       31.4 مليار بنسبة       14.5 % من المبلغ
وظائف مؤقتة                        3.7 مليار               1.7 %
المكافئات                           87.5 مليار               40  %
البدلات النوعية                    27  مليار                 12.3 %
والمتبقى حوالى 70 مليار لم نتحصل على بنودِ صرفِها ، ولكن من الغريبِ أن تُمَثِّلَ المكافئاتِ والبدلاتِ حوالى نصف مخصصاتِ الأجورِ فى الموازنة .
وهذه الأرقام فى حدِّ ذاتِها لا تؤدى إلى عدالةِ التوزيعِ بينَ المظفينَ لسببينِ :
1- أنَّ التوزيعَ لم يبينُ مبلغَ زيادةِ الأجورِ لكلِّ درجةٍ وظيفيةٍ بما يفتحُ بابَ الاجتهادِ بينَ الناس بظنِّهم أنَّ النسبةَ الكُبرى من هذهِ الزيادةِ يذهب معظمُها للدرجاتِ العليا .
2- استثنت العديدُ من الجهاتِ نفسَها من الحدِّ الأقصى للأجور .
          كما أنَّه يلزمُ فى نفسِ السياقِ أنْ نَقرِنَ زيادَةَ مُخصصاتِ الأجورِ بزيادةِ أعدادِ الموظفينَ - وهو مجهولُ العدَدِ بالنسبةِ لنا حاليًا - حتى نَتَحَصَّلَ على الوضعِ الحقيقىِّ لأحوالِ المجتمعِ ، أى أنَّهُ - فى ظِلِّ ثباتِ أجرِ موظفٍ - إذا كانَ قدرُ زيادةِ فى عددِ الموظفينَ نِسبتُهُ 8.5% مثلًا ( حوالى 500 ألف موظف ) ، فتكونَ النتيجةُ ثباتِ أجورهِم فى مُقابلِ زيادةِ أعبائِهم .


ثانياً: المنحُ والمزايا الاجتماعية:
1-    أدرجَتْ الحكومةُ فى الميزانيةِ حصةَ الحكومةِ كَرَبِّ عَملٍ فى التأميناتِ الاجتماعيةِ - وهو المبلغُ الذى ضَمتهُ الحكومةُ لأموالِ وزارةِ الماليةِ منذ حوالى 35 عامًا - تَحتَ بندِ المِنحِ والمَزايا الاجتماعيةِ ، وهو تصويرٌ خاطِئٌ لِطبيعةِ هذهِ الأموالِ .
2-    مخصصاتُ معاشِ الضمانِ الاجتماعىِّ خُصِّصَ لهُ 6.65 مليار جنيه وهى أقلُّ من مخصصاتِ العامِ السابقِ بمبلغِ 3 مليون جنيه ، إلَّا أنهُ بإضافةِ مقابلِ التضخُّمِ ترتفعُ نسبةُ العجزِ فى هذا البند إلى  15% .
3-    إذا أضفنا إلى هذا ما اتفقتْ عليهِ وزارةُ الماليةِ مع التأميناتِ الاجتماعيةِ فى عام 2012-2013 على أنْ تقومَ وزارةُ الماليةِ بسدادِ المبالغَ التى ضَمتْهَا الوزارةُ من أموالِ الهيئةِ مُجَدوَلَةً على أقساطٍ ، إلا أننا فوجِئنا بِخبرٍ فى الأهرام يُفيدُ بِأنَّ وزارةَ الماليةِ التزمتْ بسدادِ القسطِ الخامسِ بمبلغ 14.1 مليار جنيه أصدرَ بها البنكُ المركزىُّ أذونَ خزانةٍ على وزارةِ الماليةِ . وبالطبعِ لا نعلمُ أن كانَ هذا قد اُتُّبِعَ فى الأقساطِ الأربعة السابقةِ أم لا ، إلَّا أنَّ الوضعَ على هذا الحالِ يبدو وكأنَّ وزارةُ المالية اقترضَتْ المبلغَ من البنوكِ التجاريَّةِ التى تحوى ودائعَ المواطنينَ وبهذا أيضًا يتعينُ إضافتِها للدينِ العامِّ الداخلى .

ثالثاً: الصحة ص 130 من الميزانية:
الإنفاقُ على الصحةِ فى هذه الميزانيةِ بلغ 45 مليار مقابل 40.4 مليار العام السابقِ وذلك بنسبة 1.59% من إيراد الحكومةِ حيثُ كانَ فى العام السابق 1.74% من إيرادِ الحكومة ، هذا دون الأخذِ فى الاعتبارِ بقدرِ زيادةِ أسعلر الخدمات الطبية فى العام الأخير ، بمعنى أن ال 45 مليار قد يكفونَ لمعالجةِ 80% من عددِ الذينَ تمَّ خدمتُهم فى العامِ الماضى .
وقد تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ الدستورَ قد نَصَّ على أنْ تُخصِّصَ الحكومةُ للصحةِ 3% من الناتجِ القومىِّ وليس من إيراد الحكومةِ السنوىِّ .

رابعاً: مصروفات أخرى 54.8 مليار جنيه.
وهى مخصَّصَة تقريبًا كرقمٍ واحدٍ ، وهى خاصة بالدفاعِ والأمنِ القومىِّ والقضاءِ والمَحكمةِ الدستوريةِ .

خامساً: التعليم ص 130:
          خُصِّصَ للتعليمِ 99.3  مليار بنسبة 3.5% من إيرادِ الحكومةِ مقارنةً بمبلغِ 94.4 فى العامِ السابقِ بنسبةِ 3.9% من إيرادِ الحكومة ، والمحدَّدُ من الدستور بنسبةِ 6% من الناتج القومىِّ المحلىِّ وليس من إيرادِ الحكومة . وبالنطرِ للتضخمِ المعلنِ فإنَّ ذلك قد يعنى نقصًا فى الخدمةِ التعليميةِ يقدرُ بحوالى 15 % عن العام الماضى .

سادساً: الدعم:
          مخصصاتُ الدعم فى الميزانية 136.6% منها 92.8 مليار مواد بترولية وكهرباء تمثلُ 67.9% من إجمالىِّ الدعمِ .
          وارتفعَ دعمُ الكهرباء من مبلغ 13.3 مليار جنيه العام الماضى إلى 28.8 مليار جنيه العام الحالىِّ .
          وهذا أمرٌ غير مفهوم خاصةً وبعدَ زيادةِ فئاتِ سعر الكهرباء بنسبةٍ لا تقل عن 20% وبالرغم من أنَّ توزيعَ نسبِ الاستخداماتِ وصلت فى تقريرٍ غيرِ حكومىٍّ إلى 46% منزلى مقابل 54% صناعى ، ومن المفيدِ أنْ نعلمَ أنَّ النسبَ العالميةِ تصلُ إلى حوالى 70% صناعى وأن مصرَ فى عام 2010 كانت قريبةً من هذا المعدلِ حيثٌ كان إنتاج الطاقة يصل إلى 30 جيجا واط منها حوالى عشرة للإنارة .

سابعاً:
          يجبُ مناقشةِ قانونِ الخدمةِ الوطنيةِ الذى تدورُ عليهِ الدوائرُ هذه الأيامِ لما له من تأثيرٍ كبيرٍ على إمكانِ التزامِ الحكومةِ بالصرفِ فى حدودِ الميزانيةِ الصادرِ بها القانون ، وإلَّا ترتبَت - نتيجة إصدارِ القانونِ - ديونٌ إضافيةٌ على الدولةِ بعدَ أن وصلَ الدينُ الداخلىُّ إلى ما يزيد على 3 ترليون جنيه وهو يعتبرُ المعوقُ الرئيسىُّ لتقدمِ أعمالِ الشركاتِ فى مصرَ لعظيمِ أثرهِ على السيولة النقدية بالأسواق ، وتلكَ الشركاتِ هى الأملُ الوحيدُ فى تَحقيقِ نموٍّ اقتصادىٍّ .
          كما يجبُ أنْ تُعرِضَ الصحفُ - خاصةً القوميةَ مِنها - عن رفعِ مستوى آمالِ المواطنينَ عن طريقِ المانشيتاتِ التى تنشرها ، فإنَّ رفعَ سقفُ الآمالِ يأتى بخيبةِ الأملِ لدى المواطنِ وهو عظيمُ الأثرِ على استقرارِ الوطن .
          وقد يجدر أنْ أذكرَ مانشيت سطرتهُ الأهرامُ اليومَ فى موضوعِ قانونِ الخدمةِ الوطنيةِ : إذ قالت على سبيلِ طمأنَةِ الموظفينَ فى مانشيت بأنَّ : (220%  زيادةً فى الأجورِ حدثتْ خِلال خمسِ سنواتٍ ) حيثُ بينت أرقامُ الميزانيةِ أنَّ الأجورَ عام 2010 كانت 96.2 مليار جنيه ، ارتفعت إلى 218 مليار جنيه هذا العام . ولا أعلمُ كيف تمَّ حسابُ نسبة الـ 220% على هذه الأرقام ، ولا عجب !