Wednesday, November 16, 2011

وثيقة الدكتور السلمى


إن وثيقة الدكتور السلمى لا يَعيبها فقط المّاده التاسعه والعاشره ، بل ان اهم ما يَعيبها هو ايديولوجية الوثيقه ، تلك التى بدأت من شهور لِوضع مواد اطلق عليها تارةً فوق دستوريه واخرى حاكمه وما الى ذلك حتى انتهت الى وثيقةِ شرف ، وهى الايديولوجيه التى تضع ارادة الشعب اليوم أعلى من إرادة الشعب بعد فتره ، فى حين ان إرادة الشعب متساويه فى كل العصور ، ويمكن للشعب فى اى وقت ان يغير فكره وتوجهاته سواء كان ذلك ناتجا عن إضافةٍ فكريه أوتعليميه أو عن تغيرٍ فى نسيج المجتمع أو فى ظروفِه المعيشيه - وهذا مبدأٌ مسلم به فى جميع الدول الحره –  فما بالك وأن الوثيقه وضعت ارادة مجموعه من الموظفين المعينين - غيير المنتخبين - سواءً من اعضاءِ الحكومهِ أو المجلس الاعلى فوق ارادة الامه ليس اليوم فقط بل وضعتها فوق ارادة الامه فى المستقبل حتى وان انتهى حكمهم . افلايكون هذا اعتداء على حق الامه ؟
وحقيقة اننى فوجئت بما كتبه الدكتور على السلمى فى عدد الاهرام الصادر فى 9 نوفمبر الجارى من عدد الاحزاب التى حضرت أو مُثلت فى الاجتماعات الاثنين والعشرين التى عقدت فى اغسطس الماضى والتى يقول الدكتور السلمى انها وافقت على هذه الصيغه الا من ازالة بعض الكلمات مزدوجة المعنى ، وهو ما يفيد بأن جميع هذه القوى تعمل بعيدا عن ارادة الامه أو رغبتها .
كما تَجدر الاشاره الى أن اختيار الجمعيه التاسيسيه يجب أن يُبنى على التوجهات الفكريه لاعضائها وليس على انتمائاتهم الوظيفيه أو المهنيه أو الدينيه بحيث يُمثّل كل اتجاه فكرى طبقا لعدد المؤيدين لهذا الفكر فى المجتمع . بهذا الاسلوب حددت الدول الحره جمعياتها التأسيسيه بحيث يخرج الدستور ممثلا للاتجاه الفكرى لغالبية المجتمع ، وهو نفس الفكر الذى يمكن للمجتمع فى وقت مستقبلى أن يغيره متى كان ذلك لازما .

قانون السلطه القضائيه

ان اخذ الحكمة من افواه السلف أو التذكير والاستشهاد بمحتواها الفكرى هو فى الواقع امر جيد ، ولكن افلا يكون من الافضل أن نضيف اليها تجربة الاجيال التاليه للحصول على عمل يجمع بين حكمة السلف وتجربة ما تلى ذلك .
لذا فقد اعقب على ما كتبه الفاضل  المستشار احمد مكى فى عدد الاهرام الصادر فى 7 نوفمبر 2011  فى  شأن " الدفاع عن استقلال السلطه القضائيه " –  بأن استقلال السلطه القضائيه امر ضرورى لا غنى عنه لترسيخ العدل واستتباب القانون ، فيما بينه فى مقاله بقول الشيخ محمد عبده من أن زمام راحة القاضى يجب أن يقع بين ايدى الزملاء القضاه . الا انه بعد بحث نتائج التشريعات على ارض الواقع من خلال تجارب العالم الحر  من الحرب العالمية الاولى حتى الان ، يتضح منه أن استقلال أى سلطه بصياغة قانونها لا يأتى بالضرورة باحسن النتائج ، خاصة فى ظل تنازع كل سلطة داخليا بآراء اعضائها وخارجيا مع باقى السلطات على استقلالها . وانه ايضا وبدرجة مساويه فان فرض رأى أى سلطه على سلطة اخرى يعد اعتداء صارخا غالبا ما ينزل بدرجة القانون الى الدرك الاسفل .
فاذا رسمنا صورة السياسى على انه رجل ذو رؤية محددة فى شأن اصلاح فى الوطن ، وقد عرضها على المواطنين فحازت تاييدهم ، ومنحوه سلطة معينة ، بطريقة شرعية ، لفترة محددة ، من خلال صناديق اقتراع ؛ فان اشتراك بعض من هؤلاء فى الصياغة يكون أمرا محمودا بما يمثلوه من سلطة الشعب ، صاحب الشأن الاعلى فى هذه الحاله ، وكذا فانه مع التسليم بضرورة أن تختار الجمعية العمومية رؤساء المحاكم ترسيخا لقاعدة الشيخ محمد عبده ، الا أن موافقة الهيئه السياسيه على هذا الاختيار أمر ضرورى حتى تتناغم قوى الوطن فى اتجاة واحد نحو الرؤيه المختاره ، وايضا وبنفس القدر حتى يتحقق استقلال السلطه فى ظل توازن السلطات جميعا .
عبد السلام الشاذلى