Thursday, July 3, 2014

comment on CNN Hala Gorani pogram

Dear Hala Gorani
I was watching your program on CNN at 9.30pm local time today, where you hosted a two Egyptians discussing the political standoff in Egypt, I Admired what both of them said, specially the girl as young as she is.
I wish to comment on this by the following article.
To start I do not know why are we discussing the Morsi issue here and now; he was democratically elected, he did bad through one year of his presidency where Egypt do not have the luxury of extended time. He did not provide a legitimate  way of impeachment, and this act is the exact definition of dictatorship; so he was removed.
Now Egypt has another democratically elected president, weather he is doing well or doing bad is actually the issue to be discussed now.
He has not yet provided a parliament which is a first necessary step for providing some sort of democracy, but then it has only been a month since his election; he did not win elections over an economical plan, his steps on that score up until now were not in the right direction like raising taxes to balance the budget instead of cutting expenses, also taking the money from the hands of those who can provide jobs and dumping it on the laps of the government where it is not helping production; but then again it is only a month since he assumed presidency.
On the political arena it is not Morsi or Sisi that matter, the only thing that matter is that the economy advances.
Let me tell you that democracy is not the target, it is rather the only known way for countries to progress, and that one has to apply it as exactly as it was stated in political science, checks and balances among every other aspect.
I know it is difficult to grant freedom to the people, but I know as well that denying them liberties and human rights always undermine the economy and the progress of a country.

That is how severe is the standoff in Egypt, not to mention that it is the only country that has two presidents in jail.  

Saturday, May 24, 2014

الإختيار

الإختيار
        مع إقتراب موعد إنتهاء فترة الدعاية الإنتخابية ، وبداية فترة الصمت الإنتخابى ، فإنه يلزمُنا وقفةً لتحليل كيف حَصَّلَ الشعبُ الحملة الدعائية للمرشَّحَيْن .
        فى الواقع أن الشعب المصرى يواجه إختيارًا صعبًا على الرغم من محدودية المرشحين هذه المرة ، وبإجراءِ مقارنةٍ سريعة بين المرشحين ، فإننا نجد أن أحدهما برنامجه شبه سرى حيث أوردت الأهرام فى حديثٍ معه أنّهُ يَملك برنامجًا مُفصلًا يَحمل فى طياتِه البيانات الكاملة والتوقيتات الزمنية لكل عملٍ ، إلا أنّ نشر البرنامج قد يضر ولا يفيد حسب ما ورد بالحديث مع الأهرام ؛ بينما أعلن المرشح الآخر عن برنامجٍ ضعيف تمَثلَ فى أحد بنوده إصلاح شركات الغزل عن طريقِ دفع إستثماراتٍ جديدة للشركات حتى تنهض ، وهو أمرٌ كانت تقوم به الحكومات المتعاقِبة دُون نَجاح ، فكيف لنا أنْ نُؤيدهُ فى هذا الأمر وهو لم يبين كَيف أنّ عمله سَيختلف عنْ مَن سَبَقَه من الرؤساء أو الوزراء ثم أنتهى بامعان الشركات فى الديون حتى أصبحت غير قادرة على دفع أجور عمالها ؛ كما أنه بَيّنَ لنا أنه غَير رَاضٍ عن إستيراد القطن وإنه سيزرع الصعيد بألاف الأفدنة من القطن حتى تشتَريه المصانع فتنطلق فى صناعاتها وصولا إلى الإصلاح ، بينما وهو لم يدرك أنّ إرتفاع سعر إنتاج القطن المصرى عن مثيله المستورد هو الذى يدفع المصانع للإستيراد ، فكان يجدر به  أن يُبَيِّنَ كيف سَيَبْنِى سياساتٍ لتغيير قوام التكلفة لزراعة القطن ، حتى تُصبح إقتصادية . وعلى صعيد أخر فإن أحد المرشحَيْن لم يرى الشعب أنه أدار أى مؤسسةٍ أو شركةٍ ، أو أدارَ مَجموعة من الموظفين ، ثم يطلبُ منا أن نضعَ إدارة الدولةِ فى يَدِه ؛ بينما الأخر قد أدار مؤسساتٍ يعلمُ عنها كل مواطن .
        وعلى محورٍ أخر فأحدُهما ضَعيفٌ جِدًا فى اللغات الأجنبية طبقًا لما ظهر من أحاديثه مع الإعلام الأجنبى ، بينما المرشح الآخر ، وإن لم نر له أحاديث أجنبية مذاعة ، إلا أننا يمكن أن نفترض أنه أفضل من المرشح الآخر بما رأيناه من لقاءاته بالوفود الأجنبية حينما كان وزيرا للدفاع ؛ ومسألة اللغات هى عموما نقطة غير أساسية إلا أنه من المستحسن وجودها .
        ومن جهة الحملات الإنتخابية فقد تساوى المرشحان فى الوعود التى أفردوها للشعب إلا أنهم لم يبينوا لنا طريقًا سائغًا لتحقيقِها .
        أما إذا ما نظرنا إلى ما سيحدث بعد الإنتخابات فى معترك إدارة البلاد وهى على حافة الهاوية ، وأنّ الشعبَ قد مارس الصبر على ضيق حالِه إلى أبعدِ الحدود ، وأنّ صبره مهما طال فإنّهُ إلى نهايةٍ قريبة ، وأنّ المَطلوب من الرئيس القادم أنْ يَشْعُرَ الشعب أنّ كلَّ يَومٍ يمر هو أفضلُ من اليوم الذى سَبقه ، وأنّ الشعب لن يقبلَ فى هذا أعذارٌ أو أسبابٌ لعدم تحقيق ذلك ، ففى هذا المضمار ، ومع صعوبة الطريق الدستورى لإقصاء رئيسٍ عن منصبهِ فى حالة الخطأ أوعدم الوفاء بوعده هذا ، فإن أحد المرشحيْن إقصاؤُهُ أيسر من الأخر الذى فهو أضعف ظهيرًا من الأول الذى هو أوفرُ ظهيرًا من الثاتى .
        وإذا ناقشنا الإحتمالات القائمة فإن المشير هو صاحب الحظ الأوفر فى الفوز بالإنتخابات ، ليس بشعبيته بين المثقفين وحسب ، وإنما أيضًا بالنظر إلى ما أبديته من تحليل فى صدرِ هذا المقال ؛ ولكن المسؤلية عظيمة ولا مُنَجِّى منها إلا النجاح فيما يطلبه الشعب من الرئيس ، ألَا وهو : كل يومٍ أفضلُ من اليوم الذى يسبقه . بهذا فقط يَمتدُ صبر الشعب ، ولا يلزَمُنى هُنا التنويه بأنّ الشعب المقصود هنا هُم الفقراء منه . ولا داعى لأن أقولَ فى هذا الشأن أنّ التيار الشعبى سينتهى إن نجح مرشحُه ولم يفى بالوعد ؛ بينما سَتفقد القوات المسلحة أىَّ أملٍ فى أنْ يترشح منها رَئيسٌ أخر إذا لم يفى المشير بما وعد به الشعب إن نجح .
        كما يجب ألا ننسى أنّ هُناك تيارٌ ثالث قَابِعٌ فى سكون ، بعد ما تسلم الحكم ففشِلَ وأساءَ العمل بالسلطة ، إلا أنّه يتربصُ بالفريقين آمِلًا أن يُشكِلَ فَشلَ من ينجحَ منهم طوقَ نجاةٍ لهم من موقفهم الحالى .

Tuesday, May 6, 2014

بين القانون والسياسة

بينَ القانونِ والسياسة
        عِلاقة شائكة بين سلطة القانون وسطوته ، والسلطة السياسية للدولة وحكمها ؛ ولكن من يسبق من ، ومن يتبع من ؛ هذا ما تناوله كثيرون في كتاباتهم ، فكثيرون إنتهوا إلى أنّ سيطرة القانون تسبق الشأن السياسى ، وكذلك إنتهى كثيرون إلى أنّ السلطة السياسية تَسبِقُ السلطة القانونية .
        ولذا لزم البحث عن خلفيات المؤيدين لكل رأىٍ من الرأيَيْن ، فإن حديث الشخص يُبْنَى على خلفياته ، نَشْأَةً وتعليمًا وثقافتةً ، بالإضافة إلى دَورِهِ في الحياة العملية أو وظيفته . ومِن خلالِ علاقاتى بالناس قُمت بجمع مجموعة آراءٍ لكل فرد ، وبالمقابل لهذه الآراء قَسَّمتُ الأفراد إلى مجموعاتٍ وفقًا لِلنشأةِ والثقافة والتعليم والعمل أو دَورهُ فى الحياةِ العملية .
        فوجدت أن كل هذه الخلفيات تُؤثِّرُ على رأى ، أو على قرارِ الفرد بنسبٍ مُتفاوِته ، ولكن مما لا ريب فيه أنّ أكثر هذه الخلفيات تأثيرًا على رأىِ الفرد هو دورهُ فى الحياة العملية أو على وجه التحديد عَمَلهُ أو طبيعةِ عمله ، وهو فى الواقع أمرٌ منطقى من حيث الأسبابِ والمقدمات ، فإن الإنسان يقضى معظم فترات حياته فى العمل ، ويكون الفرد أكثرُ نضجًا أيضًا فى المرحلةِ السِّنية التى يمارس فيها العمل ، وهو عموما يؤمن بأهمية عمله .
        فقد وجدتُ أنّ من يشتَغل بِالقضاءِ يتمسك بتطبيقِ القانون ، بينما من يعمل بالمحاماةِ ، وعلى الرغم من إتحاد خَلفياتِهم التعليمية ، إلا أنّهم أول ما يفكروا فيه هو الإلتفاف على النصوص القانونية والتفتيش عن ثغراتٍ يُمكن لهم أن يمروا منها إلى الحصول على الحكم الذى يرغبون فيه لموكلهم ، كما وجدتُ أنّ العسكريين أكثرُ ميلًا لِإستخدامِ القوة ، حتى وإنْ كانَ لهم خلفيةٌ تَعليميةٌ مختلفة ، مثل الهندسة أو الطب قبل العمل العسكرى . وهو ما يقطع بأن دور الفرد في الحياة العملية أكثر تأثيرًا فى تكوين الرأى أو بناء المنطق عنده . ونجد أنّ من كان ذو خلفيةٍ اقتصادية يميلُ إلى استخدام الإقتصاد والسياسات المالية والنقدية لتوجيه الناس إلى الوجهة التى يُرادُ الوصولَ إليها . وبينما يميل العمال إلى إصلاحِ أدواتهم أو منقولاتهم بدلا من تغييرها ، تجد الرجالَ متسعوا الأعمال يُضحونَ بالمالِ ليشتروا بِه الوقت .
        أما السياسيون فإنهم فِئةٌ مختلفة ؛ فإنهم يَبرزون مِن وسطِ كلِّ تلك الفئات ، ويتخذون مِن المُحاورةِ بالكلام مهنة ، ويُضيِّعُونَ وقتًا كبيرًا فى المفاوضات والمحاورات ، ولا يُغلقون أبواب المفاوضة أبدًا بل يُؤجلونها عند الضرورة ، ويبدونَ الكثير من المرونة فى مقابلِ الصَّلابَةُ فى الآراء التي يبديها الأطباءُ والمهندسون والعسكريون ، وهم على ذلك الوضع حتى إنتشر بين الناس القول بِأنّ فُلانٌ سِياسى ، أى أنه غير تَصادمى ، لينَ الحديث يصلُ إلى ما يبغيهِ عن طريق الحوار .
        والسياسةُ فى العصر الحديث أصبحتْ عِلمًا يُدرس في المعاهد والكليات كما يحصل عليه الإنسان أيضًا فى بعض الأحيان عن طريق التأمل ، والإستنباط من العِبرات التاريخية المستمدة من الحياة . وهو علمٌ بُنِىَ أساسًا على علم الفلسفة ، وقد أنشأ لهُ فلاسفةُ الأغريق مدارسَ لِلعلم . وقد إنْبَنَى(1) علم السياسة على قاعدتين ، الأولى هى الحكمة فى إختيار الطريق الذى يسلكه الشخص فى الأزمة ، والثانيةُ هى الأولويات التوافُقات ، فإنهما قاعدتان أساسيتان لنجاح العمل السياسى . بمعنى أنه فى بِناءِ خُطةِ عمل لهدفٍ محدد ، فإنه يجب عدم إهمال التداعيات الجانبية لهذه الخُطة ، فإن ظهر منها أنّ إصلاح القلب سَيُودِى بالكبد ، فهنا يلزم النظر للأولويات والتوافقات ، فإنه لا يَهمُنَا بِأيهِما تُوفىَ المريض .
        والسياسيون ينقسمون إلى قسمين ، فبعضهم ينغمسون فى المجتمع فيلمسون آلامه وآماله ويجتهدون فى كتابة الحلول ، والبعض الآخر هم أصحاب رؤى يتلامسون مباشرةً مع الناس ويترشحون فى الإنتخابات ليحلوا مشاكل الناس ، وأحيانًا كثيرة يتداخل القسمين حتى يصعب التفريق بينهم .     
        القلاقل فى الأوطانِ دوافعها إمّا سياسية أو دينية أو عرقية . وقد تغلبت الدول التى إستقرت فيها الحياة وأتسمت بالهدوء بطريقٍ واحد ، ففي الشأن السياسى إستقرت الأوضاع فقط عن طريق التسليم بِنتائجِ إنتخاباتٍ عادلة ، يَشترك فيها جَميع الفُرقاء السياسيين بِلا شُروطٍ مُسبقة إلا من قَبُولِ نتائج الصناديق ، وأمّا فى الشأن الدينىْ فقد إستقرت الدول عندما جَعلت الدين علاقةٌ بين الفردِ والرب ولا دخل للمجتمع فيها ، فأبعدوا الدين عن العمل السياسى . وأمّا فى الشأن العرقىْ ، ولما كانت الأعراقُ أو الأعرافُ هى مُرتبطةٌ بِالأرض ، كما أورد ذلك الفلاسفة الأغريق فى مدوناتهم ، فإننا نلاحظ تجمع الناس من ذوى الأعراف المتفقة فى مَناطق جغرافية محددة ، مَثَلُها كمثلِ التى منها أعراف الثار فى مصر ، وتركزها فى الصعيد ، إلى آخر الأعراف المعروفة فى كل وطن ، وقد عالجت هذا الدول التى إستقرت أوضاعها عن طريق منح قدرًا من الحكم الذاتى للمناطق ، فقد قسمتها إلى وحدات إدارية أو محافظات تَخْتَارُ قياداتها بنفسها ، ولها قدرٌ من الحرية والمرونة فى إصدار القوانين المنظمةِ لها ، بل وأشْرَك مُواطنوا المِنطقة فى إصدار الأحكام بِالمحاكم فيما سُمِّىَ بالمحلفين ، وقد أقرت هذا النظام الدول الأنجلوساكسونية وعممته فى كثيرٍ من محاكمها .
        ومن هنا أصبح من الواضح لنا أنّ إنشاء القانون أو ترتيبِ أمور الدول هو عملٌ يجب يقوم به السياسيون المنتخبون إذ هم الأقدر على إدراك رغبات الناس وتحصيل آمالهم وسنها فى قوانين ، وأما الذى يختص بتطبيقها أو بتنفيذها فهم رِجالُ القانون . ومن هنا ظهر ضرورة الفصل بين السلطات مع رقابتها لبعضها ، وهو أمر أساسىٌ فى تكوين الدول العصرية المتقدمة . فتصبح بهذا السلطة المنتخبة تعلو على السلطة المعينة مثل القضاء ، بينما يمنع القضاء فساد السلطة المنتخبة باستقرار المبدأ القانونى ألا يحصَّن أى عمل أو قرار من رقابةِ القضاء ، ويكون فى هذا الحال الحكمُ موجهًا ضد أفرادٍ بعينهم لخطإهم سواءً كانوا أفرادًا معينون أو منتخبون ، وليس موجهًا ضد سلطةٍ منتخبة .
        ومن هنا وضح لنا أن السياسيون لهم الخطوة الأولى في ترتيب المجتمع ثم يتلوهم رجال القانون بالتطبيق . وإذا نظرنا إلى الشأن المصرى فنجد أنه كان هناك فصل واضح بين السلطة السياسية والسلطة القانونية فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ، وقد بدأ تداخل السلطات مع ثورة 1952 ؛ ففى بدايتها وبعد أن نُودِىَ بأحمد فؤاد الثانى ملكًا لمصر والسودان ، وأعلنَ مجلس الوزراء أنه تولى سلطات الملك الدستورية ، باسم الأمة المصرية إلى أن يحين الوقت ليسلم مقاليدها إلى مجلس الوصاية وفقًا لأحكام الدستور . 
وكان المَلِكُ قبل تنازله قد كتب أسماء الأوصياء على ابنهِ فى مظروفَيْن ، أودع أحدهما بالدِّيوان المَلكىْ ، والثانى برئاسة مجلس الوزراء ، على أن يُفضَّ المظروفان في البرلمان طبقًا لأحكام الدستور ، وللبرلمان أنْ يُصَدِّقَ على أشخاص الأوصياء ، أو يُعين سواهم . وقد كان هذا الترتيبُ فرصةً لإثارة النزعات الحزبية القديمة ، فحزب الوفد يأمل فى أن يُعقد مجلس النواب المنحل الذي كان يُمثَّلُ فيه بأغلبيةٍ كبيرة ، بينما ترى الأحزاب المعارضة له أنّ مادة الدستور لا تنطبق إلا في حالة وفاة الملك ، إذ نصت المادة 52 على " أثر وفاة الملك يجتمع المجلسان ، بحكم القانون ، في مدى عشرة أيام من تاريخ الوفاة . فإذا كان مجلس النواب منحلاً، وكان الميعاد المعين فى أمر الحل للاجتماع يتجاوز اليوم العاشر ، فإن المجلس القديم يعود للعمل حتى يجتمع المجلس ، الذي يخلفه " ، وتنص المادة 54 على: " في حالة خلو العرش ، لعدم وجود من يخلف الملك ، أو لعدم تعيين خلف له ، وفقاً لأحكام المادة السابقة ، يجتمع المجلسان ، بحكم القانون فورًا فى هيئة مؤتمر لاختيار الملك ".
        ورأس د. عبد الرازق السنهوري رئيس مجلس الدولة اجتماعًا ركز فيه بوجهٍ خاص على أحكام دستور عام 1923 فى شأن الوصاية على العرش ، بأنها واجهت فقط حالة وفاة الملك ، ولم تتناول الحالات الأخرى لانتهاء حكمه مثل خلعِه أو تنازلِه عن العرش . وعقب د. السنهورى علي ذلك، قائلاً: " لا محيص، إزاء هذا القصور من استنباط الحل المناسب ، وهو إصدار تشريع جديد بتعديل أحكام الأمر الملكي الصادر فى 13 ابريل 1923 بوضع نظامٍ لتوارث عرش الملكة المصرية ، وذلك بإضافة نصٍ جديد ، يعالج خصيصاً الحالة المعروضة ، حالة نزول الملك عن العرش ، وانتقال ولاية الملك إلى خلف قاصر ، وفي وقت يكون فيه مجلس النواب منحلاً " .
        ونلاحظ هنا وفيما سيليه من أحداث تدخل الرجال المعينون والموظفون فى الشأن السياسى بمحاولة سن نصوص قانونية أو دستورية أو تعديلها بلا توجيه سياسى ، فالرجال المنتخبون هم الأقدر على تحصيل رغبات وآمال الناس .
        وقال اللواء محمد نجيب(2) معلقًا على ذلك ، بقوله: " لقد فصلوا قانونًا حسب الحاجة ". ثم يضيف : وبعد أقل من أسبوع على رحيل الملك ، كنا نسير في طريق تكييف القوانين ، الذى إنتهى بنا إلى هاوية اللاقانون ، بعد ذلك أصبح هذا الخطأ الصغير بداية مشوارٍ طويل من الأخطاء .
        وقد انتقدت الصحف هذه الواقعة الجسيمة ، فقال أحمد أبو الفتح ، في جريدة المصرى الوفدية : " فى اعتقادي أنّ الخطأ قد بدأ يوم أن أفتى قسم الرأى فى مجلس الدولة فتواه فى مجلس الوصاية المؤقت وتلاه خطأ آخر ، يوم أن استمسك على ماهر بهذه الفتوى ، ويوم نادى بعض الكتاب بالفقه الثورى . وفي اعتقادى أن فى تلك الأيام بدأت الأخطاء ، فقد جانب الجميع نص الدستور ، الذي أعلن الجيش أنه عمادُ ثورته ، وبدأت الأخطاء ، وأخذ كل خطأ برقبة خطأ آخر ، وإذا بأعاصير الأخطاء تهب ، ذات اليمين وذات الشمال ، ومن فوق ومن تحت . والمرء ، وسط كل ذلك ، ذاهل  تأئه ، يحاول أن يصد هذا فيصرعه ذاك...".
        ويقول خالد محى الدين عضو مجلس قيادة الثورة فى مشكلة الوصاية : " ووقع الجميع في المأزق ، فقد كان من الضرورى أن يدعى مجلس النواب ليصادق على قرار التنازل ، وعلى تشكيل مجلس الوصاية على العرش " ، واقترح البعض دعوة مجلس النواب لإنجاز هذه المهمة ، ثم يحل على الفور ، ذلك أن إستمراره سوف يعني عودة حكومة الوفد فورًا ، لكن وحيد رأفت أفهم الضابط أن دعوة مجلس النواب ثم حله ، سيعنى وفق أحكام الدستور ، ضرورة إجراء إنتخابات نيابيةٍ ، في ظرف ستين يومًا ، وكان رأى وحيد رأفت بمفرده فى مقابل مستشارى مجلس الدولة بأنّ التنازل مثل الوفاة والمرض ؛ ولذلك كان لا بد من تطبيق حالة التنازل مثلها مثل المرض والوفاة ، أى دعوة مجلس النواب لإقرار الوصاية ، أما باقى المستشارين فقد كان رأيهم أنها حالة جديدة ، تستدعى وضعًا جديدًا ، يمكن فيه اعتبار مجلس الوزراء هو السلطة التشريعية ، وهو الذي يعين مجلس الوصاية نيابة عن مجلس النواب . وأسقط فى يد البعض ، قال عبد الناصر إنه يوافق على دعوة مجلس النواب ، ثم حله ، ودعوة الناخبين لانتخاب مجلس جديد ، وفق أحكام الدستور ، خلال ستين يومًا ، ولكن ضباط المدفعية والطيران وقفوا ضد هذه الفكرة بشدة وقالوا بصراحة إنهم قاموا بالحركة ، ولن يسلموها للآخرين جاهزة . وهذا الترتيب نفسه فى غِيابِ سلطةٍ سياسية منتخبة هو ما تردت به أحوال الوطن فى السنوات التالية .
        وما أشبه اليوم بالأمس ، فبمجرد غياب السلطة السياسية ، يطفو على السطح سلطة الموظفين ، لا اهتمام لهم بالسياسة ولا علمَ لهم بها ، وتظهر التفسيرات القانونية والدستورية التى توجه البلاد الى طريق خاطئ ، وتتخذ من تخويف الناس من تبعات إنتخاباتٍ سياسية عاجلة قبل أن يقوموا هم بإصلاح شأن القوانين ، ويأخذوا فى سن قوانين دون هيئةٍ تشريعية ؛ فتصدر أغلبها معوقة لعمل السلطة المنتخبة التى تأتى بعدهم ، والأدهى من ذلك أن تلك الفترات الإنتقالية لا يحاسَب أصحابها على ما أتو من أخطاء مثلما تحاسب عليه سلطة سياسية منتخبة .
        وفى الواقع أنا لا أسطتيع إتهامهم بالخيانة أو بالسعى إلى مصالحهم الخاصة ، وإن كان من المنطقى أن يعمل الإنسان لصالح نفسه ، إلا أننى أُسَبِّبُ تفسيراتهم إلى ما بَيّنْتُهُ فى صدر المقال من تأثُّر قرار كل فردٍ بعمله فى الحياةِ العملية ، فهو يرتب أولوياته بخدمة مهنته قبل خدمة المهن الأخرى .
        وخلاصةُ هذا فى نهاية الأمر أنّ تسليم السلطة لرئيس منتخب وهيئة تشريعية منتخبة على وجه السرعة هو أول خطوة على طريق الإنقاذ ، لأنه يحمل فى طياته المحاسبة ؛ أما سَنّ القوانين لمواجهة مواقف محددة ومعلومة هو عملٌ ثبت فشله تاريخيا فى مصر وفى العالم من قبلنا ، وغالبا ما يأتى بنتائج عكسية لمن أصدره ، بل وأكثر من ذلك فأحيانا ما عانى مَنْ أصدروا قانونا موجهًا مِنْ تَبعاتِ إصداره بعد تبادل المواقع وتطبيقه عليهم . إن وجود برلمانٍ مهما كانت عيوب أعضائه ومهما واجهت الإنتخابات من صعوبات أمنية ، لهو أفضل من غيبته ، ووجود رئيس منتخب هو أيضا أفضل من إدارة معينة للوطن .      
        وقد قَضَت مصر وقتًا طويلًا فى فتراتٍ إنتقالية وأحيانا ما تأتى الفترةُ تلو الأخرى ؛ وهو ما إنتهى بها إلى وضع إقتصادى يصعب إصلاحه ، وهو لاريب سببٌ من أسباب العُزوف عن التقدم لخدمتها . ومصر الآن مقبلة على إنتخاباتٍ رئاسية تليها فى القريب إنتخابات نيابية ، وأتمنى لو تُعقد تلك الإنتخابات فى موعدٍ قريب ، وأنْ يُشترط أن ينحصر الترشح لها فى المتعلمين من أبناء الوطن ، بل يمكن أيضًا تَجاوزُ ذلك الى الزام من ينجح أن يحصل على دورةٍ علمية فى السياسة والقانون ، فإن الكثير من الحكمة مطلوبٌ لمصر حاليا ، والعلم هو المُنَجِّى من المَهالك ؛ خاصة وقد أتت الفترات الإنتقالية على إحتياطى النقد الأجنبى بالبنك المركزى ، وهو ما هَزَّ مركز مصر المالى فى العالم بصورة غير مسبوقة فى التاريخ . 
  



(1)  انبنى عليه : ترتب عليه - معجم مجمع اللغة العربية
(2) مذكرات محمد نجيب " كلمتى للتاريخ " - أول رئيس للجمهورية المصرية

Sunday, April 27, 2014

الصحف الضد قومية

الصحف الضد قومية
جَريدةُ الأهرام أسسها سليم وبشارة تكلا عام 1875 ، حيث أصدرت عددها الأول عام 1876 ؛ ثم تأسست بعدها جريدة الأخبار وباقى الصحف التى تسمى حاليا بالصحف القومية ، وقد حققت الأهرام والصحف القومية إنجازاتٍ عديدة على مدى سنواتها المُمتدة ، كما حققت أرباحًا لِأصحابها يعلمُ الله مقدارها ، ولكن فى حُكمِ رَجُلِ الشارع بدون علم موثق ، وبالنظر إلى أسلوبِ حياتِ أصحابها ، فإنه يُقدرها بارباحٍ وفيرة ، وسددت الضرائب والرسوم المقدرة عليها فى حينه .
وبعد حوالي 85 عامًا من نشأتها تم تأميمها لتصبح مؤسسة الأهرام المملوكة للدولة ، كما تم تأميم باقى الصحف التى سميت بالصحف القومية ، واستمرت فى ءاداء رسالتها ما يزيد على خمسين عامًا أخرى بعد التأميم .
وفى يوم 24 إبريل الجارى قام رئيس الوزراء المصرى المهندس إبراهيم محلب بزيارة مؤسسة الأهرام حيث استقبله رئيس مجلس إدارتها ؛ فأتضح لنا من خلال زيارته أن الصحف القومية أصبحت مدينة بمبالغ ترقى إلى المليارات عبارة عن متأخرات للهيئة القومية للتأمينات ولمصلحة الضرائب ، وهي الجرائد الأكثر إنتشارًا فى مصر ، وقد وعد رئيس الوزراء بالتدخل لتقسيط المبالغ المتأخرة لهذه الجهات ، كما وعد بإعفائها من دفع أجرة نقل الصحف بواسكة السكة الحديد .
وأنا لا أعلم إن كانت الصحف الخاصة ، التي تغط بها إكشاك التوزيع ، تسدد تأمينات موظفيها وعمالها وتسدد ضرائبها أم لا . كما لا أعلم إذا ما كانت هذه الصحف ، فى حالة عدم السداد ، فإن رئيس الوزراء كان سيتدخل لتقسيط المتأخرات . ولكن ما أعلمه هو أن الأهرام والصحف القومية الأخرى لو كانت جرائد خاصة ، ولم تقم بالسداد ، فإنها كانت ستواجه الإفلاس لا محاله . كما أن ما أعلمه أيضاً أن العديد من قياداتها يُحاكَمون أو يُحقَّقَ معهم في تُهمٍ تتعلق بالإثراء غير المشروع من جراء عملهم بالجريدة بمبالغ تَصلُ أيضًا إلى مِليارات الجُنيهات ، حتى إن بعضهم أخلت النيابة سبيله مقابل كفالةٍ تقدر بمليوني جنيه ، وهو ما يجعلنا نعتقد أنّ النيابة لديها من الأدلة ما يكفى لتقديمها إلى المحكمة لإدانته .
ولكن السؤال المُهم الذي يطرحُ نفسه الأن هو : أفلهذا الفساد تم تأميم جريدة الأهرام والجرائد الأخرى ؟ ، أيمكن أنْ نُطلق عليها بهذا الوضع أنها الصحف القومية ؟ وإن كان هذا ، فماذا يمكن أن يكون شكل أداء الصحف ضد القومية ؟ ، أفلم يكن من الأجدى تركها لأصحابها فيسددوا التأمينات والضرائب بما يحقق إيراداتٍ للدولة ، بدلًا من نزيف الخسائر الذى يدفعه الشعب حاليا . ويبقى سؤالٌ أخير : ما هو سبب التأميم بما ذكرناه من ظروف ، فيجيب بَعض الناس : حتى تتحدث الجريدة باسم الحكومة وتشرح للمواطنين أحوال الحكومة دون تدليس ، أو أنْ تُسَبِّبَ للشعب قرارات الحكومة ؛ ولكن هذا دورٌ تستطيع الصحف الخاصة أيضًا أن تقومَ به ، وقد يسعد بعضها بأدائه .
ويجدر فى هذا الشأن مُراجعة ما قام به هتلر بواسطة بول جوزيف جوبلز في ألمانيا بما أسموه آن ذاك سلاح البروباجاندا ، وكانت وظيفته تعبئة الناس لتأييدِ الحكام فى تصرفاتهم الشاذه ، أو التمهيدِ لها أو تجميلِها . وبالنظر إلى كتابات جريدة الأهرام والصحف القومية الأخرى ، وأنا قارئ جيد للأهرام منذ سنوات طويلة ، فنجد أنها لا تقوم بهذا العمل ، على الأقل حاليًا . فقد يكون إذا من المناسب إعادتها لأصحابها حتى وإن كان ذلك بلا مقابل درءًا للضرر ، فإننا فى هذه الحالة سنوقف على الأقل نزيف الخسائر والفساد ؛ ثم نبدأ فى تحقيق إيراداتٍ جديدة للضرائب ، وسدادٍ لتأميناتٍ هىَ أصلًا مِلكٌ لأصحابها من العمال والموظفين ؛ ونُطَهِّرُ الشعب ، الذى هو صاحب الجريدة ، من ذنبِ أكلِ أموالَ بَعضِهِ .
وهل لنا ، إنْ لم يتم السيطرة على هذا الأمر على وجه السرعة ، أنْ نَقول بإننا نحتفظ بالجريدةِ حتى تستخدمها الإدارة الجيدة أبواقًا للبروباجاندا ؟.
إننا مقبلون على فترةٍ جديدةٍ فى حياةِ مصر من الديمقراطية ، ولا مَكانَ عندها للبروباجاندا أو التملق ، إنما الأفعال الطيبة ورعاية الإقتصاد ، هى التى سَتُحْسَبُ لِلإدارةِ الجديدة أو سَتُحسَبُ عليها .
فهل من يتدخل على وجهِ السرعة لينقذها من بؤسها ، حتى تسمى جميعا مع الصحف الخاصة بالصحف القومية ، بدلا من أن تكون ضد قومية .


Monday, April 21, 2014

مِصْرُ تُحَدِّثُ مُرَشّحَاهَا

مِصْرُ تُحَدِّثُ مُرَشّحَاهَا
        دائما ما تأتى الإنتخابات الرئاسية مرتديةً لِباس العُرس ، فتأخذ البلاد زينتها ، ويُخَفِّفُ الأمن من قبضتِه فَيسمح بِالقليلِ المُفيد مِنَ التّجاوز ، والناس يراوِدُهم الأمَلُ والنّشْوة وكأنهم سُكارى وما هم بِسُكارى ، والسُّلطةُ مبتسمةٌ وكأنّهم يُعيدونَ إلى الشعبِ السُّلطة ، ثم لا يَلبثوا أنْ يستردوها مرةً أُخرى بعد إعلانِ النتيجة .
        ولكنّ الأقدار شاءت أنْ تَدْخُلَ مصر الإنتخابات هذه المرة لابِسةٌ لِباسَ الحزن ، فَلا زينةٍ ولا أفراح ، وإنما حُزنٌ فيما يُشبِهُ البكاء ، وتَراشقٌ بالألفاظِ والعِبارات ، بَينَما المُرشحون فى حالةٍ نادرة من دَمَاثَةِ الخُلق ، حتى أنّ أَسْلَطَهُم لسانًا ، فى نَدوةٍ منذ أيامٍ معدودة لم يَخرج فيها العَيْبُ من بين شفتيه ؛ بَينما المؤيدون فى حالة إستنفارٍ عَصبى ، يتنازعون الساحات لمرشحيهم بالقولِ ، الذى نأمل أن لا يصل إلى حدِّ الفعل .
        والحَملة فى مُجملِها قد لا تجاوز المطبعةُ والتلفزيون ، فهى قصيرةُ المُدة ، تَتسِمُ بالحذر الشديد من الأمن والمرشحان ، وقد يرقى أحيانا الحذرُ إلى التربص .
        وفى وسط هذا كلة يُحَدِّثُ الشعبُ مُرشحَاه بطلباتٍ تراها فى عين كلٍ منهم دون أنْ يلفظَ بِكلمةٍ واحدة ، فى صمتٍ تَراهُ يَسبقُ العاصفة ، فيما يبدو الفُرصَةُ الأخيرة لحاكمٍ للوطن أنْ يُحْسِنَ العمل من أول يومٍ لَهُ ، فلا يقدِّمُ له الأعذار عن تردى الأحوال ، حتى وإنْ حدَّدَ له المسئولُ عنها ؛ وإنما يُقدمُ لَهُ كلَّ يومٍ من أعمالِه التى حَسّنَتْ حالًا من أحوالِ المواطنين . والحديث هنا للنتائج لا الشعارات مهما كان بريقُها .
        ويخدعُكَ مَنْ قَالَ لك اخْطُبْ الرئيسُ القَوىّْ ، فأنّ قُوتهُ سَتَفرِضُ الهدوء والأمن ؛ فَاعْلَم أنّكَ قوىٌ ما دامَ الحقُّ ظهيرًا لك ، والعدلُ بِيَمينك ، والرَّحمَةُ بِيسارك ؛ واعلم بِأنّه إنْ سَقَطَتْ إحدَاها زَاغَت القُّوة معها .
        إنّ الإقتصاد أصبح عِلمًا متسع الأطراف ، خطير الأثر ، وقد مضى زمنٌ قال فيه أحدهم أنّهُ قرأ كتابين فى الإقتصاد فأصبح خبيرًا إقتصاديًا ؛ فلا بديلَ عن الإستعانة بِالخبراء ، مع عدم فرض أو تحديد أيديولوجياتٍ سياسية عليهم تعلو على قرارهِم العِّلمىّْ ، بحيث يكون الإصلاحُ للإصلاحِ وليس للسياسةِ .
        إنّ الحريات العامة والخاصة هى السبب المباشر فى إطلاق إبداعات البشر ، وهو تحديدًا ما تحتاجه مصر اليوم ، وليس غدًا .
        الحرياتُ هى ما تَقَدمَتْ به الدول المُتقدمة ، وهِىَ ما إنزلقَتْ بِفُقدانِها الإمبراطوريات العظيمة فى العالم ، وهى نفسُها ما تَقدمَتْ بها مِصر فى نِهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، ويكفى أنْ يُعدِّدَ كلٌ مِنا فى بَالِه الهَامَات العالية من المفكرين والأدباء والصناع والفنانين فى هذه الفترة ؛ وهى نَفسُها مَا تَأخرت بِه مصر بفقدان الحريات فى النصف الثانى من القرن العشرين . أمّا العُنف والقهر فهو عدوُ الآدمية الأول من قديم الأزل ، وما إتخذته أمةُ سبيلًا إلّا وهلكت ؛ وقد تَجدر مراجعة السنوات الثلاثة الأخيرة من التجربة المصرية ليَتضح لنا أنّ من يتمسك بهما لا ينجى .
        ليسَ الحلُ بهما ولا حتى بِالوِفاق والمُصالحة ، إنما بالإقتصادِ وحده تهدأ الأمور ، وينطلق كلٌ إلى هَدفِه وصَالحِه وصالح أسرته ، فيصبحُ محركًا لتقدمِ الأمة .
        هذا ما تُحَدِّثُ بِه مِصر رئيسها المقبل .
            



Wednesday, April 9, 2014

مصر ألأمل والحلم

مصر ألأمل والحلم
          الأمل والحلم والخيال ، كلماتٌ حَرَّكَتْ الجبال على مر التاريخ . فالأمل هو ما يحدو الرجل الذي يمارس الحياة العملية ، فيبنى خطوة بعد خطوة ، وطوبة بعد طوبة ، حتى يعلو بناءه ، وكلما علا بناؤُه دورًا نما أمله فى الدور التالى . أما الحلم فهو يراود نوعان من الرجال ، أولهما فَنانٌ ذو بَصَرٍ وبصيره ، وله يَدٌ قوية مُنجِزة ، والآخر لا يملِك من القدرة ما يدفع به حياته خطوة إلى الأمام ، فيكونَ حِلمُهُ خَيال لا يغنى ولا يشبع من جوعٍ ، مهما صَغُرَتْ آفاقُه أو عَلَتْ ، فهى لا تتعدى أُفْقَ الخيال .
          وطالما راودني الأمل في أن أرى صناعة الغزل والنسيج المصرية تعود إلى ريادتها في العالم ، فقد نَشأتُ فى رُبوعِها حيث كان أبى أحد قياداتها ، فَجَرَيْتُ فى حدائِقها غُلامًا ، وزُرتُ مَصانِعها رفيعةَ البناء جليلةَ الأثَر شابا ، وكيف أنّ قَليلَ العديدِ من العمالِ رفعَ شأنها على دول أوروبا ،  فَظننتُ أنّها تُؤسِّسُ فى الأرضِ وتَغْرِسُ للآخرين الثمر ، ورَجُلًا شَهَدتُ كيف وَهَى عَظْمُها وسقط . فموقفها الحالى شديدُ السوءِ عَصِىُّ الحلِّ ، فى حين يعتمد عليها مئات الآلاف من أُسرِ عُمالها ، وتَبَارَتْ الحكوماتِ المختلفة فى بيعِ أراضى تلك الشركات البائسة .
           ورُحتُ أحلُمُ بها وقد أصبَحتْ مناراتٌ للصناعة ، ولكن كيف السبيل وهى يلزَمُها عَمالة مدربة ، ماكينات حديثة ، ويلزم زيادة أحجام الشركات لتُماثِل حَجْم الوحدة الإنتاجية الاقتصادية حتى تُنافس أسعار السوق العالمية .
          وحتى لا يَنقلبَ الحلمُ إلى خَيالٍ فكان لابد من التفكيرِ فى خطواتٍ تنفيذية للحل . فوجدت الخطوات ما أسْهَلها إذا نظرنا إلى كيفية إنشاءِ هذه الشركات . فَقد بَدَأَتْ بِمشاركةٍ ، بين أحَد أهَمّ الإقتصاديين فى تَاريخِ مِصر ، رجلا ذو حلم عظيم ، وسَاعدٌ قوىٌ لتحقيقه ، هو طلعت حرب باشا بِواسطةِ بنك مِصر الذى أنشأه ، وبينَ أساطِينِ تِلك الصِّناعات فى بِريطانيا فى هيئةِ شَركاتٍ مساهمةٍ سَاهَمَ فيها المصريينَ بِمعظمِ رَأسِ المال ، وسَاهم كُلٌ مِن بنك مِصر والشُرَكاء الأجانب بِبَعضِ رأسِ المال ، وجاء ذلك كُله تحت مِظلةِ شَركاتٍ مُساهمةٍ مصريةٍ يَتم التّداول على أسهمها بِالبورصَةِ المصرية ، وتَولّى الجَانِب البِريطانى الإدارة الفنية بدايةً حتى تَمّ بِناءُ الكَوادر الفنية المصرية التى إستمرت فى إدارة هذه الشركاتِ بنجاحٍ بَعد إنسحابِ الكوادِر الأجنبية الواحد تلو الأخر . ومَع تَأميم الشركات ، هكذا إنقلب الحلم الى رؤيا ثم إلى حقيقة ؛ وبعد فَترةٍ زمنيةٍ ثَبَتَتْ الشركات على وَضعِها بَيْنَما تَطَوّرَتْ الصناعة فى العالم حتّى أصَابَ صِنَاعَتِنَا التّخَلفَ الذى نراه .

          فهل هذا أمرٌ من الصعب تَحقيقه ؟ كم رَاودتْ مِصرُ أحلامُنا ، أولُهَا قديمٌ لا نعلمه ، ولكننا نعلم آخرها وكانَ تحريرُ أراضينا المُحتلة على أكتاف رَجلٍ حَلُمَ فراودته رؤيا ثم عَزَمَ على تَحقيق الحُلم ، فَجَمعَ مِنَ الرجال الخبراء من يشد أذره ، وبالعلم والجهد والتصميم تحقق الهدف . فهل من يحقق لنا هذا الهدف ، فَلَعلّ الأحلامُ أن تنتشرَ فى رُبوعِ الوطن، الواحد تلو الآخر ، ولا تتحول أحلامُنا إلى خيال .

Tuesday, April 8, 2014

كذب المنجمون ولو صدفوا أو صدقوا

كذب المنجمون ولو صدفوا أو صدقوا
طالعتنا ألأهرام فى عدد السبت 29/3 بمقال للأستاذ / أحمد ناجي قمحة رئيس وحدة دراسات الرأى العام بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية برسمٍ بيانى يبين المحافظات التى يتوقع الكاتب أن يَلْقَى فيها السيسى درجةً كبيرة من التأييد فى مقابل تيار الإسلام السياسى ، وبرسم بياني آخر يبين المحافظات التي يتوقع أن يلقى فيها السيسى درجةً أقل من التأييد ، وبرسم ثالث للمحافظات التى يتوقع أن يلقى فيها السيسى درجةً متوسطة من التأييد .
محافظات مؤيدة للسيسى بدرجة كبيرة
المحافظة
إسلام سياسى
ضد إسلام سياسى
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
الاقصر
47%
53%
القاهرة
44.3%
55.7%
شرقية
45.7%
54.3%
ب سعيد
45.8%
54.2%
بحرأحمر
49.4%
50.6%
ك الشيخ
55.4%
44.6%
دمياط
56%
44%
غربية
37%
63%
ج سينا
49.7%
50.3%
قليوبية
41.7%
58.3%
دقهلية
44.4%
55.6%
منوفية
28.5%
71.5%
        محافظات متوسطة التأييد للسيسى
المحافظة
إسلام سياسى
ضد إسلام سياسى
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
اسوان
51.9%
48.1%
البحيرة
58.6%
41.4%
اسكندرية
57.5%
42.5%
اسماعيلية
54.3%
45.7%
        محافظات أقل تأييدا للسيسى
المحافظة
إسلام سياسى
ضد إسلام سياسى
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
المحافظة
إسلام سياسى
ضد
م مطروح
80.1%
19.9%
قنا
55.6%
44.4%
ش سينا
61.5%
38.5%
السويس
62.7%
37.3%
القيوم
77.8%
22.2%
اسيوط
61.5%
38.5%
الجيزة
59.7%
40.3%
و جديد
63.4%
36.6%
سوهاج
58.2%
41.8%
المنيا
64.4%
35.6%
بنى سويف
66.5%
33.5%




        وقد نُلاحظُ فى الجدول الأول أن المقال أدرَجَ مُحافظاتٍ بإعتبارها مؤيدة للسيسى ، إلا أنّ أرقامها تدل على عكسِ ذلك ، وهى محافظة دمياط وكفر الشيخ ؛ وعموما فإن المحافظتان قد صوتتا بنسبة 56% لمرسى فى إنتخابات الإعادة ، بينما صوتت دمياط فى الإنتخابات الأولى بنسبة 24% لكل من مرسى وابو الفتوح وحمدين وحصل باقى المرشحين العشرة على 28% المتيقية ، بينما صوتت كفر الشيخ بنسبة 62% لحمدين وحصل مرسى وابو الفتوح مجتمعين على 25% ؛ وهو ما يدعونى إلى أن أصنف تلك المحافظات بإعتبارها ضد السيسى .
          والواضح أيضا أنّ النسب الواردة بالجداول ليست مبنية على إستطلاعاتٍ لرأى الناخبين ، حيث أن جميعُها معادلاتٍ صفرية ، أى أنّه تم تقسيم جميع الناخبين على رَأيَيْنِ إثنين ، إما مع أو ضد . فهى إذًا قد تكون مبنيةً على نتائج الإنتخابات السابقة ؛ وهو أمرٌ يُخطِئُ من يبنى عليه نتائج حالية ، فبعد تجربةِ حكم الإخوان فإنّه مما لا ريب فيه أنّ بعض المؤيدين للتيار الدينى قد تَخلّوْ عن تأييده ، وانقلبوا إلى تأييد جهةٍ أخرى .
          لذلك يلزم القياس بناءً على إستطلاعاتِ رأىٍ جديدة ، وأنْ تُؤخذ فيها عينات من المواطنين مُمَثِّلة لواقع المجتمع ، المنقسم إلى تياراتٍ عديدة .
          كما يخطئ من يظن أنّ من خرج إلى الشارع فى 30/6 كلهم مؤيدٌ حَالِىٌ للسيسي ، هذا الوضع كانَ يُمكنُ أنْ يِكونَ صحيحًا إذا ما أُجريت الإنتخابات الرئاسية فى شهر يوليو أو أغسطس الماضى ، أمّا الأن وبعد النتائج العملية لِأعمالِ الحكومة فى هذه الفترة ، فإن الأمر قد لا يبشر بالخير ، خاصة فى ظل وجودِ نسبةٍ من المواطنين مقتنعون بأن المشير السيسى كان له يدٌ فى تسيير أو توجيهِ الحكومة ، وهو رأىٌ خطأ يحتمل الصواب ، أو صوابًا يحتملُ الخطأ ، وبالتالى فلا يمكن تحديدُ نِسَب الرأى لدى المواطنين سوى بإستطلاعاتِ الرأى العامة .
          وفى غياب مُؤسساتٍ مُدَرّبة على إستطلاع الرأى مثل الموجودة فى الغرب ، تَبْنى عَمَلها على صحيح العلم والدراسة ؛ فإنه لا يَسَعُنا إلا أنْ نَتَنَبأ بالنتائج كالعرافين أو المنجمين .
فأولًا: إذا طبقنا توقعاتِ الأهرام طبقا للجدول السابق ، وسحبنا عَليها نِسب الحضور فى الإنتخابات الرئاسيةِ السابقة ، فإننا سنحصل على الجدول الآتي:

تيار ديني 2012
تيار لبرالى 2012
مج تيارات
المحافظة
جدول الأهرام %
جملة عدد الحضور
اصوات متوقعة للسيسى
عدد
نسبة %
عدد
نسبة %
إسلامى
لبرالى
1,165,519
33.54
2,309,952
66.46
3,475,471
القاهرة
44.3
55.7
3,563,298
      1,984,757
1,022,985
48.58
1,082,938
51.42
2,105,923
الجيزة
59.7
40.3
2,154,122
          868,111
687,506
38.97
1,076,677
61.03
1,764,183
اسكندرية
57.5
42.5
1,809,096
          768,866
637,367
38.61
1,013,620
61.39
1,650,987
الدقهلية
44.4
55.6
1,688,077
          938,571
735,462
45.93
865,803
54.07
1,601,265
الشرقية
45.7
54.3
1,629,561
          884,852
726,881
54.32
611,187
45.68
1,338,068
البحيرة
58.6
41.4
1,365,504
          565,319
467,998
36.38
818,414
63.62
1,286,412
القليوبية
41.7
58.3
1,314,125
          766,135
418,167
33.38
834,566
66.62
1,252,733
الغربية
37
63
1,283,583
          808,657
346,739
32.29
727,252
67.71
1,073,991
المنوفية
28.5
71.5
1,097,647
          784,818
558,464
59.08
386,789
40.92
945,253
المنيا
64.4
35.6
966,126
          343,941
201,096
25.98
572,963
74.02
774,059
ك الشيخ
55.4
44.6
783,316
          349,359
338,728
51.05
324,816
48.95
663,544
سوهاج
58.2
41.8
681,099
          284,699
382,319
62.86
225,922
37.14
608,241
ب سويف
66.5
33.5
623,276
          208,797
458,086
75.89
145,524
24.11
603,610
الفيوم
77.8
22.2
615,710
          136,688
312,349
53.86
267,569
46.14
579,918
أسيوط
61.5
38.5
597,133
          229,896
214,238
48.42
228,238
51.58
442,476
دمياط
56
44
450,191
          198,084
176,047
46.56
202,064
53.44
378,111
قنا
55.6
44.4
387,625
          172,106
152,330
44.49
190,044
55.51
342,374
إسماعيلية
54.3
45.7
350,333
          160,102
105,296
41.69
147,300
58.31
252,596
أسوان
51.9
48.1
261,523
          125,793
63,631
28.53
159,387
71.47
223,018
بورسعيد
45.8
54.2
227,025
          123,048
91,518
45.23
110,822
54.77
202,340
السويس
62.7
37.3
207,739
            77,487
83,358
42.01
115,046
57.99
198,404
الأقصر
47
53
204,633
          108,455
30,730
34.45
58,474
65.55
89,204
ب أحمر
49.4
50.6
91,201
            46,148
48,261
56.59
37,023
43.41
85,284
ش سيناء
61.5
38.5
87,505
            33,689
27,158
54.90
22,307
45.10
49,465
و الجديد
63.4
36.6
51,224
            18,748
9,195
38.61
14,622
61.39
23,817
ج سيناء
49.7
50.3
24,607
            12,377
21,230
90.86
2,136
9.14
23,366
مطروح
80.1
19.9
23636
4704
9,674,018
43%
12,665,229
57%
22339247



22,538,915
    11,004,205









48.8%

وثانيًا: يجب علينا أن نحدد ما هى تلك التيارات الأخرى التى يمكن إعتبارها ضمن أصوات غير المؤيدين . فيأتي أولًا جزء من حركة 6 أبريل ، وجزء من حركة تمرد ، وجزء آخر من الذين عانوا خلال ستين عامًا من حكمٍ شبه عسكرى أو من نظام وصفوه بالأوتوقراطى ؛ وفى نفس الوقت لم يروا أى تقدم ديمقراطى حقيقى أو فعال منذ 25 يناير ، وجزءٌ آخر من المثقفين المطلعون على التقارير الدولية ، ويرون أنه منذ 25 يناير وحتى يومنا هذا أن حقوق الإنسان في تدهورٍ مستمر خاصة بعد الخطاب الموجه من الدنمارك و 36 دولة أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة واليابان إلى السيد/ رئيس الجمهورية والذى لم يُتَّبَع فيه البروتوكولات المعمول بها بين الدول فى التخاطب .
وثالثًا: إذا بنينا الرأى على أعداد الحضور في الاستفتاء على دستور 2014 وكانت نسبة الحضور فيه 38.9% ونسبة الذين أيدوا الدستور 98.1% من الحضور ، فقد يكون لنا أنْ نعتبر أن 38% من قاعدةِ الناخبين ستؤيد السيسى ، أما الباقون فيمكن تَبعًا لذلك إعتبارهم معارضين للسيسى سواءً كانوا مِنَ تيار الإسلام السياسى أو مِنْ تياراتٍ أُخرى .
          وقد يتضح بعد هذه الدراسة أنّ المشير السيسى يحتاج الى حملةٍ دعائية يتواصل فيها بشخصه مع المواطنين ، فإن الحملات التلفزيونية والإعلامية ، وإن كان لها من تأثير لا يُنكِره أحد ، إلا أنها لاتكفى وحدها لطمأنة المواطنين على مستقبلهم ، وقد لا يفلح المراسيل فى هذا الشأن .
          فهل لنا أن نعتمد نتائج الأهرام أم بعض النتائج المذكورة ؛ على الرغمِ من علمنا بالقول المأثور كَذِبَ المنجمونَ وإنْ صَدَفوا .