الإختيار
مع إقتراب
موعد إنتهاء فترة الدعاية الإنتخابية ، وبداية فترة الصمت الإنتخابى ، فإنه يلزمُنا
وقفةً لتحليل كيف حَصَّلَ الشعبُ الحملة الدعائية للمرشَّحَيْن .
فى الواقع
أن الشعب المصرى يواجه إختيارًا صعبًا على الرغم من محدودية المرشحين هذه المرة ، وبإجراءِ
مقارنةٍ سريعة بين المرشحين ، فإننا نجد أن أحدهما برنامجه شبه سرى حيث أوردت
الأهرام فى حديثٍ معه أنّهُ يَملك برنامجًا مُفصلًا يَحمل فى طياتِه البيانات
الكاملة والتوقيتات الزمنية لكل عملٍ ، إلا أنّ نشر البرنامج قد يضر ولا يفيد حسب
ما ورد بالحديث مع الأهرام ؛ بينما أعلن المرشح الآخر عن برنامجٍ ضعيف تمَثلَ فى
أحد بنوده إصلاح شركات الغزل عن طريقِ دفع إستثماراتٍ جديدة للشركات حتى تنهض ، وهو
أمرٌ كانت تقوم به الحكومات المتعاقِبة دُون نَجاح ، فكيف لنا أنْ نُؤيدهُ فى هذا
الأمر وهو لم يبين كَيف أنّ عمله سَيختلف عنْ مَن سَبَقَه من الرؤساء أو الوزراء ثم
أنتهى بامعان الشركات فى الديون حتى أصبحت غير قادرة على دفع أجور عمالها ؛ كما أنه
بَيّنَ لنا أنه غَير رَاضٍ عن إستيراد القطن وإنه سيزرع الصعيد بألاف الأفدنة من
القطن حتى تشتَريه المصانع فتنطلق فى صناعاتها وصولا إلى الإصلاح ، بينما وهو لم
يدرك أنّ إرتفاع سعر إنتاج القطن المصرى عن مثيله المستورد هو الذى يدفع المصانع
للإستيراد ، فكان يجدر به أن يُبَيِّنَ
كيف سَيَبْنِى سياساتٍ لتغيير قوام التكلفة لزراعة القطن ، حتى تُصبح إقتصادية . وعلى
صعيد أخر فإن أحد المرشحَيْن لم يرى الشعب أنه أدار أى مؤسسةٍ أو شركةٍ ، أو أدارَ
مَجموعة من الموظفين ، ثم يطلبُ منا أن نضعَ إدارة الدولةِ فى يَدِه ؛ بينما الأخر
قد أدار مؤسساتٍ يعلمُ عنها كل مواطن .
وعلى محورٍ
أخر فأحدُهما ضَعيفٌ جِدًا فى اللغات الأجنبية طبقًا لما ظهر من أحاديثه مع الإعلام
الأجنبى ، بينما المرشح الآخر ، وإن لم نر له أحاديث أجنبية مذاعة ، إلا أننا يمكن
أن نفترض أنه أفضل من المرشح الآخر بما رأيناه من لقاءاته بالوفود الأجنبية حينما
كان وزيرا للدفاع ؛ ومسألة اللغات هى عموما نقطة غير أساسية إلا أنه من المستحسن
وجودها .
ومن جهة
الحملات الإنتخابية فقد تساوى المرشحان فى الوعود التى أفردوها للشعب إلا أنهم لم
يبينوا لنا طريقًا سائغًا لتحقيقِها .
أما إذا
ما نظرنا إلى ما سيحدث بعد الإنتخابات فى معترك إدارة البلاد وهى على حافة الهاوية
، وأنّ الشعبَ قد مارس الصبر على ضيق حالِه إلى أبعدِ الحدود ، وأنّ صبره مهما طال
فإنّهُ إلى نهايةٍ قريبة ، وأنّ المَطلوب من الرئيس القادم أنْ يَشْعُرَ الشعب أنّ
كلَّ يَومٍ يمر هو أفضلُ من اليوم الذى سَبقه ، وأنّ الشعب لن يقبلَ فى هذا أعذارٌ
أو أسبابٌ لعدم تحقيق ذلك ، ففى هذا المضمار ، ومع صعوبة الطريق الدستورى لإقصاء
رئيسٍ عن منصبهِ فى حالة الخطأ أوعدم الوفاء بوعده هذا ، فإن أحد المرشحيْن إقصاؤُهُ
أيسر من الأخر الذى فهو أضعف ظهيرًا من الأول الذى هو أوفرُ ظهيرًا من الثاتى .
وإذا
ناقشنا الإحتمالات القائمة فإن المشير هو صاحب الحظ الأوفر فى الفوز بالإنتخابات ،
ليس بشعبيته بين المثقفين وحسب ، وإنما أيضًا بالنظر إلى ما أبديته من تحليل فى
صدرِ هذا المقال ؛ ولكن المسؤلية عظيمة ولا مُنَجِّى منها إلا النجاح فيما يطلبه
الشعب من الرئيس ، ألَا وهو : كل يومٍ أفضلُ من اليوم الذى يسبقه . بهذا فقط يَمتدُ
صبر الشعب ، ولا يلزَمُنى هُنا التنويه بأنّ الشعب المقصود هنا هُم الفقراء منه . ولا
داعى لأن أقولَ فى هذا الشأن أنّ التيار الشعبى سينتهى إن نجح مرشحُه ولم يفى
بالوعد ؛ بينما سَتفقد القوات المسلحة أىَّ أملٍ فى أنْ يترشح منها رَئيسٌ أخر إذا
لم يفى المشير بما وعد به الشعب إن نجح .
كما يجب
ألا ننسى أنّ هُناك تيارٌ ثالث قَابِعٌ فى سكون ، بعد ما تسلم الحكم ففشِلَ وأساءَ
العمل بالسلطة ، إلا أنّه يتربصُ بالفريقين آمِلًا أن يُشكِلَ فَشلَ من ينجحَ منهم
طوقَ نجاةٍ لهم من موقفهم الحالى .
No comments:
Post a Comment