Tuesday, September 27, 2016

القطاعُ العام الحائرة ملكيته

القطاعُ العام الحائرة ملكيته

حولَ قرارِ وزيرةِ الاستثمارِ بطرحِ عددٍ من شركاتِ القطاعِ العامِّ بالبورصةِ المصريةِ والعالميةِ لأهدافٍ بعينِها حددتها الوزيرةُ طبقًا لما نشرتهُ جريدةُ الأهرامِ فى عددِها الصادرِ فى العاشرِ من أغسطس وما تلاهَا من تصريحاتٍ ، ويمكنُ إيجازها فى الآتى :-
1-                ضخُ رؤوسِ أموالٍ جديدة .
2-                تنشيطُ البورصةِ المصرية .
3-                توفيرُ سيولةٍ دولاريةٍ للدولة .
وبَيَّنتْ أنَّ هذا القرار ليس لهُ علاقة بالخصخصة وليس وجهًا آخرًا لها لأنَّ الدولةَ ستواصلُ الاحتفاظِ بحصةٍ حاكمةٍ لن تقلْ عن 51% .
أولًا : تجدرُ الإشارة إلى أنَّ المشكلةَ فى شركاتِ القطاعِ العام ليست فى شخصيةِ المالكِ لها أفرادًا كانوا أو هيئاتٍ أو وزاراتٍ وأنما  تقع المشكلة فى إدارةِ تلكَ الشركات - فهى التى تسببُ خسائرِها أو أرباحِها - وأنَّ تغييرَ الملكيةِ لبعضِ الأسهمِ لن يكونَ سببًا - فى حدِّ ذاتِه - فى ارتفاعِ مستوى أدائِها .
ثانيًا : حددت الوزيرةُ أنَّ الطرحَ سيتمُّ على ثلاثةِ مراحلَ حيثُ تقع المرحلة الأولى فى ديسمبر وستكون للأفراد بطرحِها فى البورصةِ المصرية ، وهذا يعنى تحديدًا أنهُ سيتم التداول عليها على شاشاتِ البورصةِ المصرية وهو ما قد يفيدُ ما قصدت فى هدفِها الأول ؛ إلَّا أنَّ الطرحَ فى المرحلةِ التاليةِ فى البورصاتِ الدوليةِ - فى هذه الحالة - سَيؤثرُ سلبًا على أسعارِ تلك الأسهم - على أرجحِ القول - بِسببانِ : الأولُ هو زيادةُ المعروضِ منَ الأسهمِ قبلَ أنْ تُحَسِّنَ الشركة المطروحةِ أسهُمِها من أعمالِ نشاطِها ، وهو ما قد يفقد ثقةَ المستثمرِ المصرى -  خاصةً من أشترى هذهِ الأسهم - وأنَّهُ فى هذه الحالةِ يكونُ الأفضلُ أنْ يكونَ الطرحُ شاملًا حتى تتساوى الأطراف .
ثالثًا : الهدفُ الثانى - وهو تنشيطُ البورصةِ المصريةِ - فإنَّ هذا يعتمدُ أساسًا ليسَ على تغييرِ شخصيةِ مالكِ الأسهمِ إنما يعتمدُ على حسنِ أداءِ الشركاتِ اقتصاديًا ، وهو الأمرُ الذى تدهور قليلًا فى الخمس أعوامٍ السابقةِ للثورةِ ، وتدهورَ كثيرًا بعدَ الثورة .
وأسبابُ ذلكَ واضحةً وسبقَ أنْ صَرَّحتْ الحكومةُ - مرارًا وتكرارًا - بأنَّها بصددِ إزالةِ مُعوقاتِ الاستثمارِ ، دونَ أنْ يَحدُثَ تغييرٌ جَذرِى .
رابعًا : الهدفُ الثالثُ وهو تَوفيرُ سُيولةٍ دُولاريةٍ للدولةِ - وهو أخطَرُ الأسبابِ جميعًا - فإن ما أوردهُ الأهرام على لسانِ الوزيرةِ " أنَّ المستفيدَ الأول منَ الطرحِ سيكون وزارةَ الماليةِ "؛ ولذا تحتم عَلىَّ هنا أنْ أُذَكِّرَ بموضوعِ طرح 20% منْ أسهُمِ المصريةِ للاتصالاتِ السابقِ طرحه والذى حددتْ فيهِ الحكومةُ سعرَ الطرحِ بمبلغ 14.80 جنيه منذُ عشرِ سنواتٍ ، والسهمُ ما زالَ حتى يومِنا هذا لمْ يتخطَ سِعرهُ قيمة هذا الطرح ، حيث يتراوح سعره الحالى بحوالى 9 جنيهات ، ويَتَحتم عَلىَّ أيضًا أنْ أُنوِّهَ إلى أن قيمةَ الطرحِ - وكانت تقاربُ الخمسةَ ملياراتٍ من الجنيهات - دخلت وزارةَ المالية ، وانتهتْ إلى تَمويلِ الدعمِ والعجزِ فى ميزانيةِ الحكومة ، ما أصبحَ مَثلُهُ كمثلِ من باعَ أُصولَهُ لِيأكلَ بثمنها ، وهو عكسُ فكرةِ الاستثمارِ ، وهو ما لا يسعنا تحمُّل نتائجِهِ ألآن .
إنَّ ما يَجب أنْ تعتمد عليهِ الحكومةُ فى تمويلِ مِيزانياتِها هى أنْ تحصلَ على دخلٍ ثابتِ يزدادُ كلَّ عامٍ من حصيلةِ الضرائبِ والرسومِ الناتجةِ عن أرباحِ تلكَ الشركاتِ بفعلِ نُموها ضمن النمو الاقتصادىِّ للدولة ؛ أما الدخلُ الناتجُ عن بيعِ الأصولِ فهو دخلٌ مؤقتٌ لمرةٍ واحدةٍ من كلِّ بيع ؛ ولكنَّ هذا ليسَ بالهدفِ اليسيرِ تحقيقه ، فللحصولِ عليه يجبُ على الدولةِ أنْ تهمَّ فى إصلاحِ قوانينِ الاستثمارِ بإجابةِ طلباتِ الشركاتِ والمستثمرينَ حتى يستطيعوا تحقيقَ أرباح ، فيفيدُ هذا الإصلاحُ ميزانيةَ الدولةِ بإيرادٍ مستمر .
كما يتعين أيضًا على الحكومة أن تعملَ على استقرارِ أسعارِ الصرفِ للعملاتِ فى سوقٍ حرةٍ مهما تغيرت قيمةُ الجنيه ، فإنَّ ذلكَ سيكونُ أفضلَ منَ الحالةِ الراهنةِ التى تأتى بالربحِ لمن يعملَ فى  الخفاءِ بينما يخسرُ الشريف ، وهو وضعٌ لا يستقيمَ ولا يساعدُ على نموِّ الاقتصادِ مهما كانت الأسبابُ والدواعى .
كما يجبُ الاهتمام بتوسيعِ قاعدةِ المجتمعِ الضريبىِّ للسيطرةِ على الاقتصادِ الموازى الغيرِ رسمى تأسيسًا لمبادئ تكافئ الفرص وإحكام الرقابة على المنتجات .
كما أنَّه من أهمِّ الأمورِ تأثيرًا العملُ جديًا على استقرارِ الأوضاعِ الأمنيةِ بِما يعيدُ السياحة الدولية إلى مصر ، حيثُ أنَّ إيراداتها حاكمة فى السيطرةِ على سعرِ الصرفِ .
الخلاصة :
فى ظلِّ هذا كلِّهِ قد يكون أفضل الحلولِ لهذا الطرح أنْ تراعَى الأمورُ الآتية:-
1-  أنْ يتمَّ الطرحُ مبدئيًا للشركاتِ التى تُحققُ أرباحًا فعلية ، وأنْ يكونَ مقياسُ هذا ما تُورِّده الشركةُ من ضرائبَ متزايدة لسنواتٍ سابقة إلى وزارة المالية علاوةً على توريدِ حصيلةِ أرباحها لوزارة المالية فعلًا .
2-  أنْ تمنعَ الحكومةُ شركاتِ القطاعِ العامِّ عمومًا من بيع أراضيها الغير مستغلة حيث أن تلك الأراضى لازمةً لتطويرِ الشركاتِ بما يستوعبَ العمالة الزائدة لديها .
3-    أنْ تبدأ الوزارةُ فى بيع نسبةٍ من أسهمِ الشركةِ إلى شركاتٍ صناعيةٍ أجنبيةٍ مُتخصصةٍ فى نوعيةِ إنتاجِ الشركةِ ، وأنْ تَبيعَ فى نفس الوقتِ نسبةٍ أُخرى لبنكٍ أو لبنوكٍ مصريةٍ أو أجنبيةٍ من غيرِ بنوكِ القطاع العام . والأهم من ذلك كله أنْ تَنسحِبَ الحكومةُ من إدارة الشركاتِ وأنْ تُسلمها إلى مجلسٍ منَ المساهمينَ يَخضعُ لحسابِ ورقابةِ الجمعيةِ العموميةِ للشركةِ التى سيكون - مبدئيًا ولحينِ استقرارِ أوضاعِها - الغلبة فيها للحكومةِ بحكم ملكيتها لأغلب الأسهم ، بينما تكون الإدارة الفعلية للخبراء الفنيين والماليين فى المجلس ، ثم يلى ذلك طرحُ باقى الأسهم تباعًا للمواطنين .
4- أمَّا بخصوصِ ما جاءَ فى حديثِ الوزيرةِ عن أوضاعِ شركاتِ البترولِ ومديونياتِها ، فهذا موضوعُ مقالاتٍ عديدةٍ قادمةٍ لخطورةِ أثرهِ على كلٍ من ميزانيةِ الدولةِ وثقةِ الشركاتِ الأجنبيةِ فى معاملاتِنا وهو ما يؤثر سلبًا على زيادة الكشوف البتروليةِ فى أرضِ مصرَ ، فإنه من الغير سائغ لدى العامة أن تتمتعَ كلٌّ من السعودية وليبيا بكثيف البترول بينما ينقطع لدينا البترول الآ منَ القليلِ الذى لا يسمن ولا يشبع من جوع .




نظرةٌ عبرَ التاريخِ للحركةِ النسائيةِ المصريةِ والعالميةِ

نظرةٌ عبرَ التاريخِ
للحركةِ النسائيةِ المصريةِ والعالميةِ
          تعتبرُ الحركةُ النسائيةُ المصريةُ من أولياتِ الحركاتِ عبرَ التاريخِ - وقد تكونُ الأولى - فقد رأينا فى التاريخِ الفرعونىِّ مَلِكاتٍ حكمنَ مصرَ فى تلكَ العصورِ . ثم أخذتْ الحركةُ النسائيةُ فى الانكماشِ مع بدايةِ عصرِ سيطرةِ رِجالِ الدينِ على الأحوالِ السياسيةِ للبلادِ المختلفة ، إلى أنْ جاءَ الإسلامُ فمنحَ المرأةَ الكيانَ الاقتصادىَّ المنفصلَ - فيما يُعتبرُ عودةً إلى طَريقِ المُساواةِ الرشيدَةِ بينَ الجنسينِ - والذى مازالت تَمنعهُ بعضُ عُظمياتِ الدولِ - ولم يَنلْ من ذلكَ الرشدِ محاولةَ بعضُ رجالِ الدينِ الإقلالَ من قدرِ المرأةِ فى المجتمع ، فقد استمرت المرأةُ المصريةُ فى نشاطِها حتى تمَّ تشكيلُ أولَ مُنظمةٍ غيرِ حكوميةٍ للنساءِ فى عام 1900.
          وقد شاركت المرأةُ فى مصرَ فى المظاهراتِ خِلالِ ثورةِ 1919 وشاركت فى إلقاءِ الخُطبِ فى الجماعاتِ ، إلَّا أنَّ دستورَ 1923 - الذى نتجَ بعد الثورةِ - لم يمنحْ المرأةَ حقوقًا مَسطورةً  بذاتِها - غيرَ أنَّهُ لم يمنَعها من أىِّ حَقٍ - وذلك على الرغمِ من أنَّ اثنتانِ من المتظاهِراتِ لاقتا مصرَعَهُنَّ رميًا بالرصاصِ أثناءَ مشاركَتِهِنَّ فى أحداثِ الثورةِ .
          وفى سنةِ 1920 تمَّ انتخابُ هدى شعراوى رئيسًا لِلَلجنةِ المركزيةِ للمرأةِ بحزبِ الوفد . ثم تشكل الاتحادُ النسائىُّ العربىُّ بقيادةِ مصرَ فى عام 1924 وتَلى ذلكَ تشكيلُ ثلاثةِ أحزابٍ نسائيةٍ مصريةٍ هى :
-       الحزبُ المِصرىُّ النسائىُّ عام 1925 .
-       الحزبُ النسائىُّ القومىُّ عام 1942 .
-       حزبُ بنتِ النيلِ عام 1949 .
                   ولا يجبُ أن ننسى دورُ الفنِّ المصرىِّ فى نشرِ قضيةِ المساواةِ بين المرأةِ والرجلِ بأعمالٍ عديدةٍ منذ الأربعينيات من القرنِ الماضى بفيلم من إنتاج محمد فوزى إلى السبعينيات من القرن بفيلمٍ لرشدى أباظة .
          وقد قامتْ مظاهراتٌ فى عام 1952 للمطالبةِ بحقوقِ المرأةِ ، إلى أنْ أقرَّ دستورُ 1956 حقَّ المرأةِ فى الانتخابِ .
          وإذا نظرنا إلى الوضعِ الحالىِّ فإنَّ القانونَ رقم 32 لسنة 1964 ولائِحتَهُ التنفيذيةِ الصادرةِ بقرارِ رئيسِ الجمهوريةِ رقم 932 لسنة 1966 هى التى تحكمُ المنظماتِ الأهليةَ - ومنها النسائيةِ - فى البابِ الثانى من القانون .
          إلَّا أنَّ القوانينَ استمرتْ على حالِها من غموضِ رؤيةِ الحكومةِ فى موضوعِ الحركةِ النسائيةِ ، حيث يُشيرُ تقريرُ الأممِ المتحدةِ (مركز الدراسات) ( الغير موثق ) :
 Civil Society and Social Movements ISSN 1020-8178.
حيث قالَ :
" أنَّ تقييدَ الحكومةِ للتمويلِ الأجنبىِّ فيما يَخصُّ الجمعياتِ الأهليةِ أثَّرَ سَلبًا على الحركةِ النسائيةِ المصريةِ - ذلكَ لكونِها أكثرَ الحركاتِ رُشدًا بمنطقةِ الشرقِ الأوسطِ ، وأكثرَها استحقاقًا - من وجهةِ نظرِ الدولِ المُتقدمة - للدعمِ المادىِّ حتى تقومَ بتطويرِ عملِها . ثم استرسلَ التقريرُ فى التعليقِ على فترةِ رئاسةِ الرئيس عبد الناصر بأنَّه بالرغمِ من إعطاءِ دستورُ 1956 - الذى أُقرَّ فى عهدهِ - الحقَّ للمرأةِ فى الانتخابِ ، إلَّا أنَّه استمرَّ فى تقييد المنظماتِ المستقلةِ ، وكانَ تعامُلهُ فى الواقعِ امتدادًا للوضعِ القائمِ لمعاملةِ النساءِ داخِلَ الأسرةِ المصريةِ المُحافِظَةِ . تقرير (Candiyotti 199a  ) ".
          وقد تطورَ الحالُ بعدَ ذلكَ بعقودٍ إلى أنْ أَعطى القانونُ حقوقًا مُستحقةً للمرأةِ من نَاحيةِ عقودِ الزواجِ والطلاقِ ، وحضانَةِ الأطفالِ ، وسرعةِ الفصلِ فى الحقوقِ الماليَّةِ المترتبةِ على الزواجِ والطلاق .
          إلَّا أنَّ الحكومةَ مازالتْ تعرقِلُ أو تُقيدُ الاتحاداتِ النسائيةِ مثلمَا حدثَ فى خريفِ عام 1999 عندما عارضتْ وزارةُ الشئونِ الاجتماعيةِ مبادرةَ نوال السعداوى لإنشاءِ اتحادٍ للنساءِ ، وذلك على الرغمِ من تأييدِ الوزيرةِ (مرفت التلاوى) للسماحِ بإنشائِهِ .
          وعلى الرغمِ من تحديدِ الدساتيرِ التاليةِ فى مصرَ لنسبٍ مُحَدَّدَةٍ لتمثيلِ المرأةِ فى المجالسِ المنتخبة ، إلَّا أنَّ  التحديدَ هو فى الواقعِ مهينٌ للنساءِ ، فإنَّهُ يَدمغُهنَ بأنَّهُنَّ الأقلَّ قدرةً بين الجنسينِ ، وهذا أمرٌ جانبَ الحقَّ والواقعَ ، فإنَّ النساءَ مُساوياتٌ للرجال ، والأجدرُ أنْ يُتركَ الأمرُ للكفَاءَةِ وليسَ بتحديدِ النِسَبِ ؛ فكم رأينَا من نِساءٍ حَكمنَ دولًا عظيمةً مثلَ بريطانيا وألمانيا فى العصر الحديثِ ، كما لا تفوتُنَا ما شَارَكتْ بهِ نساءُ مصرَ منذُ فجرِ التاريخِ حينَ حكمنَ مصرَ فى أكثرِ من مناسبةٍ فى العصرِ الفرعونىِّ والرومانىِّ والإسلامىِّ .
          وقد تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ النظامَ الفرنسىَّ فى تعامُلِهِ مع هذا التحديدِ قد قرَّرَ أنْ يَصرفَ الدعمَ الحكومِىَّ المُخصَّصَ للأحزابِ السياسيةِ طبقًا لِنسبِ تَرشيحِ النساءِ للمقاعدِ النيابيةِ بحيثُ يحصلُ الحزبُ على كاملِ مبلغِ الدعمِ إنْ رشَّحَ نصفَ مرشَّحيةِ منَ بينِ النساءِ . بينما لمْ تأخذْ الدولُ الأنجلو- ساكسونيةُ بأىِّ تحديدٍ .
          بينما أعطتْ الولاياتُ المتحدةُ حقَّ الانتخابِ للنساءِ على درجاتٍ بطريقةِ مشروطَةٍ إلى أنْ أُقرَّ هذا الحقُ بصورةٍ رسميةٍ كاملةٍ فى عام 1920 . وكانتْ دولُ أوروبا قد بدأتْ من نهايةِ القرن التاسعِ عشرْ بمنحِ الحقِّ فى الانتخابِ بطريقةٍ محددةٍ - وليست كاملةٍ - فى فنلندا وأيسلندا والسويد إلى أنْ تَشكَّلَ الاتحادُ الدولىُّ لمعاناةِ النساءِ فى عام 1904 ، وبينما كانت تلك الدول من أولياتِ الدولِ التى منحتْ حقَّ الانتخابِ للمرأةِ ، كانت - على النقيض من ذلك - سويسرا هى آخرُ الدولِ المتقدمةِ إعطاءً لهذا الحقَّ وكانَ ذلك فى عام 1960 .
          ولما كانَ ذلكَ ، وكانَ ما يظهرُ من السابقِ أنَّ مصرَ تُعتبرُ من الدولِ المتقدمةِ فى مجالِ العملِ النسائىِّ ، إلَّا أنَّهُ مازالَ يلزمُنا الكثيرَ من العملِ حتى نَرقى إلى مَصافِ الدولِ العُظمى وذلك على محورَيْنِ رئيسيينِ : أولُهُما أنْ نذكرَ كفاحَ الأولياتِ من أمثالِ هدى شعراوى ونبوية موسى وبنت الشاطئ ودرية صلاح وخصوصًا عزيزة حسين ( حرم أحمد باشا حسين - وزيرُ الشئونِ الاجتماعيةِ الأسبق وسفيرُ مصرَ فى واشنطون ) ، وأنْ نُعلِّمَ شبابَنا من أعمالِهم ؛ والثانى أنْ تَنهضَ نساءُ مصرَ ، بل ورجالُها إلى تشجيعِ العملِ النسائىِّ فى مصرَ ، فكم من بناتنا - وبعدَ حصولِهنَّ على أعلى الدرجاتِ العلميةِ - تَرْكَنَّ إلى دِفئِ المنزلِ تفضيلًا على بُرودةِ العملِ ، وراحةِ البالِ تفضيلًا على التوترِ الذى يصاحبُ العمل ، وأنْ ينهَضْنَ إلى مُواجهةِ التحدياتِ تفضيلًا على الانهزامِ أمَامِها دونَ ما مَعركةٍ هنَّ قادراتٌ على كَسبِها ؛ طلبًا للمساواةِ حتى فى المواريثِ .
          فَهلْ منْ يَنهضَ منَّا لِيبلِّغَ الأُصولَ بأنَّ الفُروعَ قد اقتدتْ بِالسِيَرْ ؟