Tuesday, September 27, 2016

نظرةٌ عبرَ التاريخِ للحركةِ النسائيةِ المصريةِ والعالميةِ

نظرةٌ عبرَ التاريخِ
للحركةِ النسائيةِ المصريةِ والعالميةِ
          تعتبرُ الحركةُ النسائيةُ المصريةُ من أولياتِ الحركاتِ عبرَ التاريخِ - وقد تكونُ الأولى - فقد رأينا فى التاريخِ الفرعونىِّ مَلِكاتٍ حكمنَ مصرَ فى تلكَ العصورِ . ثم أخذتْ الحركةُ النسائيةُ فى الانكماشِ مع بدايةِ عصرِ سيطرةِ رِجالِ الدينِ على الأحوالِ السياسيةِ للبلادِ المختلفة ، إلى أنْ جاءَ الإسلامُ فمنحَ المرأةَ الكيانَ الاقتصادىَّ المنفصلَ - فيما يُعتبرُ عودةً إلى طَريقِ المُساواةِ الرشيدَةِ بينَ الجنسينِ - والذى مازالت تَمنعهُ بعضُ عُظمياتِ الدولِ - ولم يَنلْ من ذلكَ الرشدِ محاولةَ بعضُ رجالِ الدينِ الإقلالَ من قدرِ المرأةِ فى المجتمع ، فقد استمرت المرأةُ المصريةُ فى نشاطِها حتى تمَّ تشكيلُ أولَ مُنظمةٍ غيرِ حكوميةٍ للنساءِ فى عام 1900.
          وقد شاركت المرأةُ فى مصرَ فى المظاهراتِ خِلالِ ثورةِ 1919 وشاركت فى إلقاءِ الخُطبِ فى الجماعاتِ ، إلَّا أنَّ دستورَ 1923 - الذى نتجَ بعد الثورةِ - لم يمنحْ المرأةَ حقوقًا مَسطورةً  بذاتِها - غيرَ أنَّهُ لم يمنَعها من أىِّ حَقٍ - وذلك على الرغمِ من أنَّ اثنتانِ من المتظاهِراتِ لاقتا مصرَعَهُنَّ رميًا بالرصاصِ أثناءَ مشاركَتِهِنَّ فى أحداثِ الثورةِ .
          وفى سنةِ 1920 تمَّ انتخابُ هدى شعراوى رئيسًا لِلَلجنةِ المركزيةِ للمرأةِ بحزبِ الوفد . ثم تشكل الاتحادُ النسائىُّ العربىُّ بقيادةِ مصرَ فى عام 1924 وتَلى ذلكَ تشكيلُ ثلاثةِ أحزابٍ نسائيةٍ مصريةٍ هى :
-       الحزبُ المِصرىُّ النسائىُّ عام 1925 .
-       الحزبُ النسائىُّ القومىُّ عام 1942 .
-       حزبُ بنتِ النيلِ عام 1949 .
                   ولا يجبُ أن ننسى دورُ الفنِّ المصرىِّ فى نشرِ قضيةِ المساواةِ بين المرأةِ والرجلِ بأعمالٍ عديدةٍ منذ الأربعينيات من القرنِ الماضى بفيلم من إنتاج محمد فوزى إلى السبعينيات من القرن بفيلمٍ لرشدى أباظة .
          وقد قامتْ مظاهراتٌ فى عام 1952 للمطالبةِ بحقوقِ المرأةِ ، إلى أنْ أقرَّ دستورُ 1956 حقَّ المرأةِ فى الانتخابِ .
          وإذا نظرنا إلى الوضعِ الحالىِّ فإنَّ القانونَ رقم 32 لسنة 1964 ولائِحتَهُ التنفيذيةِ الصادرةِ بقرارِ رئيسِ الجمهوريةِ رقم 932 لسنة 1966 هى التى تحكمُ المنظماتِ الأهليةَ - ومنها النسائيةِ - فى البابِ الثانى من القانون .
          إلَّا أنَّ القوانينَ استمرتْ على حالِها من غموضِ رؤيةِ الحكومةِ فى موضوعِ الحركةِ النسائيةِ ، حيث يُشيرُ تقريرُ الأممِ المتحدةِ (مركز الدراسات) ( الغير موثق ) :
 Civil Society and Social Movements ISSN 1020-8178.
حيث قالَ :
" أنَّ تقييدَ الحكومةِ للتمويلِ الأجنبىِّ فيما يَخصُّ الجمعياتِ الأهليةِ أثَّرَ سَلبًا على الحركةِ النسائيةِ المصريةِ - ذلكَ لكونِها أكثرَ الحركاتِ رُشدًا بمنطقةِ الشرقِ الأوسطِ ، وأكثرَها استحقاقًا - من وجهةِ نظرِ الدولِ المُتقدمة - للدعمِ المادىِّ حتى تقومَ بتطويرِ عملِها . ثم استرسلَ التقريرُ فى التعليقِ على فترةِ رئاسةِ الرئيس عبد الناصر بأنَّه بالرغمِ من إعطاءِ دستورُ 1956 - الذى أُقرَّ فى عهدهِ - الحقَّ للمرأةِ فى الانتخابِ ، إلَّا أنَّه استمرَّ فى تقييد المنظماتِ المستقلةِ ، وكانَ تعامُلهُ فى الواقعِ امتدادًا للوضعِ القائمِ لمعاملةِ النساءِ داخِلَ الأسرةِ المصريةِ المُحافِظَةِ . تقرير (Candiyotti 199a  ) ".
          وقد تطورَ الحالُ بعدَ ذلكَ بعقودٍ إلى أنْ أَعطى القانونُ حقوقًا مُستحقةً للمرأةِ من نَاحيةِ عقودِ الزواجِ والطلاقِ ، وحضانَةِ الأطفالِ ، وسرعةِ الفصلِ فى الحقوقِ الماليَّةِ المترتبةِ على الزواجِ والطلاق .
          إلَّا أنَّ الحكومةَ مازالتْ تعرقِلُ أو تُقيدُ الاتحاداتِ النسائيةِ مثلمَا حدثَ فى خريفِ عام 1999 عندما عارضتْ وزارةُ الشئونِ الاجتماعيةِ مبادرةَ نوال السعداوى لإنشاءِ اتحادٍ للنساءِ ، وذلك على الرغمِ من تأييدِ الوزيرةِ (مرفت التلاوى) للسماحِ بإنشائِهِ .
          وعلى الرغمِ من تحديدِ الدساتيرِ التاليةِ فى مصرَ لنسبٍ مُحَدَّدَةٍ لتمثيلِ المرأةِ فى المجالسِ المنتخبة ، إلَّا أنَّ  التحديدَ هو فى الواقعِ مهينٌ للنساءِ ، فإنَّهُ يَدمغُهنَ بأنَّهُنَّ الأقلَّ قدرةً بين الجنسينِ ، وهذا أمرٌ جانبَ الحقَّ والواقعَ ، فإنَّ النساءَ مُساوياتٌ للرجال ، والأجدرُ أنْ يُتركَ الأمرُ للكفَاءَةِ وليسَ بتحديدِ النِسَبِ ؛ فكم رأينَا من نِساءٍ حَكمنَ دولًا عظيمةً مثلَ بريطانيا وألمانيا فى العصر الحديثِ ، كما لا تفوتُنَا ما شَارَكتْ بهِ نساءُ مصرَ منذُ فجرِ التاريخِ حينَ حكمنَ مصرَ فى أكثرِ من مناسبةٍ فى العصرِ الفرعونىِّ والرومانىِّ والإسلامىِّ .
          وقد تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ النظامَ الفرنسىَّ فى تعامُلِهِ مع هذا التحديدِ قد قرَّرَ أنْ يَصرفَ الدعمَ الحكومِىَّ المُخصَّصَ للأحزابِ السياسيةِ طبقًا لِنسبِ تَرشيحِ النساءِ للمقاعدِ النيابيةِ بحيثُ يحصلُ الحزبُ على كاملِ مبلغِ الدعمِ إنْ رشَّحَ نصفَ مرشَّحيةِ منَ بينِ النساءِ . بينما لمْ تأخذْ الدولُ الأنجلو- ساكسونيةُ بأىِّ تحديدٍ .
          بينما أعطتْ الولاياتُ المتحدةُ حقَّ الانتخابِ للنساءِ على درجاتٍ بطريقةِ مشروطَةٍ إلى أنْ أُقرَّ هذا الحقُ بصورةٍ رسميةٍ كاملةٍ فى عام 1920 . وكانتْ دولُ أوروبا قد بدأتْ من نهايةِ القرن التاسعِ عشرْ بمنحِ الحقِّ فى الانتخابِ بطريقةٍ محددةٍ - وليست كاملةٍ - فى فنلندا وأيسلندا والسويد إلى أنْ تَشكَّلَ الاتحادُ الدولىُّ لمعاناةِ النساءِ فى عام 1904 ، وبينما كانت تلك الدول من أولياتِ الدولِ التى منحتْ حقَّ الانتخابِ للمرأةِ ، كانت - على النقيض من ذلك - سويسرا هى آخرُ الدولِ المتقدمةِ إعطاءً لهذا الحقَّ وكانَ ذلك فى عام 1960 .
          ولما كانَ ذلكَ ، وكانَ ما يظهرُ من السابقِ أنَّ مصرَ تُعتبرُ من الدولِ المتقدمةِ فى مجالِ العملِ النسائىِّ ، إلَّا أنَّهُ مازالَ يلزمُنا الكثيرَ من العملِ حتى نَرقى إلى مَصافِ الدولِ العُظمى وذلك على محورَيْنِ رئيسيينِ : أولُهُما أنْ نذكرَ كفاحَ الأولياتِ من أمثالِ هدى شعراوى ونبوية موسى وبنت الشاطئ ودرية صلاح وخصوصًا عزيزة حسين ( حرم أحمد باشا حسين - وزيرُ الشئونِ الاجتماعيةِ الأسبق وسفيرُ مصرَ فى واشنطون ) ، وأنْ نُعلِّمَ شبابَنا من أعمالِهم ؛ والثانى أنْ تَنهضَ نساءُ مصرَ ، بل ورجالُها إلى تشجيعِ العملِ النسائىِّ فى مصرَ ، فكم من بناتنا - وبعدَ حصولِهنَّ على أعلى الدرجاتِ العلميةِ - تَرْكَنَّ إلى دِفئِ المنزلِ تفضيلًا على بُرودةِ العملِ ، وراحةِ البالِ تفضيلًا على التوترِ الذى يصاحبُ العمل ، وأنْ ينهَضْنَ إلى مُواجهةِ التحدياتِ تفضيلًا على الانهزامِ أمَامِها دونَ ما مَعركةٍ هنَّ قادراتٌ على كَسبِها ؛ طلبًا للمساواةِ حتى فى المواريثِ .
          فَهلْ منْ يَنهضَ منَّا لِيبلِّغَ الأُصولَ بأنَّ الفُروعَ قد اقتدتْ بِالسِيَرْ ؟   

No comments:

Post a Comment