Monday, March 31, 2014

تعليقا علي مقال السفير عبد الؤوف الريدي

تعليقا علي مقال السفير عبد الؤوف الريدي
المنشور بالأهرام عدد 26 مارس 2014
سيادة السفير عبدالرؤوف الريدي
          يطيب لي أن أتقدم لكم بالشكر والتهنئة علي مقالكم بجريدة الأهرام المشار إليه ؛ فأما التهنئة فهي علي السَردِ السلس لأحداثِ السياسةِ الخارجية المصرية ، وهو علي الرغم من أنّه سردٌ تاريخي لوقائع محددة ، إلا أنه يُظهِرُ في خَلفيته فِكركم السياسي ، شاملًا ما نصحتم به ، وما وافقتم عليه ، وما عارضتموه من قراراتِ أصحاب المسئولية العليا .
          ومن فرط إعجابي بالمقال أحببت أنْ أُعلق علي موضوعين اثنين فيه . فأما الأول فهو جَرْأةُ الرئيس السادات في قراراه الذي غامر فيه بدأً من تطوير الهجوم وما تلاه منَ الثغره ، وإنتهاءً بأن أخذ علي عاتقِه تَحريك القضية عن طريقِ صدمةِ زيارته لإسرائيل لإحراج السياسة الإسرائيلية ، بعد أن وضع ثقته في الرئيس الأمريكي كارتر .
          ولا يُمكن لنا أن نلوم الرئيس السادات علي شيءٍ بعد أن حقق الهدف المطلوب كاملًا غير منقوصٍ ، ولا حتي أن نُحاول تَصور خُططًا بديلة كان يمكن أنْ تأتي لمصر بما هو أفضل ، حتي ما ناقش فيه البعض بشأنِ الثغره ، بأن أسندوا إليه الخطأ بتطوير الهجوم ، ثم يذهبوا إلي سرد سيناريو أخر أفضل ؛ ولكنه سيناريو افتراضي لا ينهض الي مستوي الحقيقة التي حصلت مصر عليها فعلًا . فما بالنا مثلا لو كان - حسب أفضل السيناريوهات - الوضع قد ثبت علي موقفٍ تُسيطر فبه قواتنا المسلحة على 15 كيلو متر شرق القناة ، ولا يوجد أي جندي إسرائيلي غرب القناة ؛ فإن هذا السيناريو كان سينطبق عليه قول السفير الريدي بأنه " يفضي إلي حالةٍ من الإنتظارِ لحربٍ أخرى قادمة " . أمّا ما أتي به السادات فكان حلا شاملًا مُنهيًا لحالةِ الحرب بين البلدَيْن ، مستردًا لكاملِ أرضِ الوطن ، تحريرًا كان أو إتفاقًا أو تَحكيمًا ، ولا يسعُنا في هذا المجال إلا أنْ نَشعرَ بالأسي أنّ الدول العربية لم تَمشى مَعهُ في نفس هذا الطريق فتحرر أراضيها بالمثل .

          وأما الموضوع الثاني الذي أُعجبتُ به في المقال فهو الفقرة الأخيرة والتي حدد فيها أننا في لحظةٍ فارقةٍ أُخري لا سبيلَ لِمصر فيها سوي ببناءِ نظامٍ ديمقراطي . وكنت أتمني لو ربط الموضوعين فأظهر كيف أنّ الديمقراطية هي السبب المباشر في تقدم الأمم ، لأن القرارات التي تؤخذ بواسطة فرد أو نخبةٍ من الوزراء قليلًا ما ترقى إلي مَصافِ القرارات الصحيحة التي تسببُ تقدم الأمم ، أما القرارات التي تؤخذ من جموع ممثلي الشعب وكاملِ إرادة الوطن تكون صحيحة في السواد الأعظم منها ، ومنتجةٌ لآمالِ وتطلعاتِ الوطن . فإنّ الحرية والديمقراطية وإعلاء حقوق الإنسان هي الشرارة التي تُطلق إبداعات الأمة ، فتنتقل بها من وضعِ دولةٍ فقيرة ، قليلة العلمِ والعلماء ، قليلة الأدبِ والأدباء ، عشوائية التنظيمِ ؛ إلي دولةٍ حديثةٍ منطلقة إلي العُلا ، متسلحةٌ بِالعلمِ والنظام ، تُنيرُ عُقولَ شعبها فتسحب عليهم السعادة والرخاء .        

Sunday, March 30, 2014

ماذا تَرجو مِصرَ مِن رئيسِها الجديد

ماذا تَرجو مِصرَ مِن رئيسِها الجديد
        بعد طولِ إنتظارٍ لما كان يُمكن أنْ يتم منذ ثمانية أشهرٍ ، تقدم المشير باستقالته ليتقدم لساحة أخري في خدمة الوطن ، مشفوعًا بدعواتنا الصادقة ، وتمنياتنا المُخلصة أن يُوفق في أنْ يَدفع بِالأمةِ إلي الإستقرارِ والرخاءِ والتقدم ، لأنّ البديلَ لهذا وَخيمُ التبعات ، خَطيرُ الأثر، طويلُ الأجل ، لا يتحمله هذا الجيل فضلاً عن ما قد يُصيبُ الجيلَ القادمِ من تبعات .
          وإنْ كنتُ أتوجهُ بالمقالِ للمشير ، فهو باعتبارِه الأوْفَرُ حظًا في الفوزِ من بين الأسماء المطروحة علي الساحة حاليا ، إلا أنني أعني بها بالدرجة الأولي كل المرشحين المعلومين والذين مازالوا في علم الغيب ، حتى تتفق بَرامِجُمهم مع تَطلعاتِ الوطن .
          وقد يجدر بدايةً أنْ نُراجع حالُ الإستقرارِ في الوطن حاليًا حتى يمكن أن نتصور ما هو المطلوبُ تحقيقه . فبداية يجب أنْ يكونَ معلومًا أنه بِغَيْرِ إستقرارٍ فلا يمكن لمصر أن تتقدم ، فالخزانةُ العامة في حالة مرضٍ وإرهاقٍ شديد ، الاقتصادُ إستهلاكيُّ النمط ، يَستكملُ إحتياجاتِه بالاستيراد ، ويستكملُ ميزانيتِه بالإقتراض المتنامي . وقد يَحسن مقارنة حال الاستقرار على مدى السنوات السابقة باعتباره خُطوةٌ أولي لازمة نحو نهضة الإقتصاد ، ثم مقارنة الإستقرار بالحالة الاقتصادية في الفترة حتى يتضح لنا الطريق الذي يجب أنْ تسلكه الإدارة الجديدة .
          وبدون معلومات واضحة معلنة من الجهات المصرية المختصة علي صورة إحصاءات ، فقد لجأتُ إلى التقارير الدولية المختلفة للحصول على بعض الأرقام والمعلومات ، وهي وإن كان يمكن أن تكونَ غير دقيقة أو متجاوزهٍ إلي حدٍ ما ، فهي بالتأكيد تعطي مؤشرًا عامًا بتجاوز الأرقام في بعضِ الإتجاهات للحدودِ المقبولةِ المطلوبة لإستقرار البلادِ عمومًا .
          في خلالِ حكم الرئيس عبدالناصر تم إعدام 12 عضوًا من أعضاءِ الأخوان في واقعتين الأولى عام 54 والثانية عام 66 ، وذلك بعد العفوم عن عضو واحد كان محكومًا عليه بالإعدام أيضًا ، بينما تم إعتقال في الواقعةِ الأولي حوالي 700 قيادي إخواني ، وقد بلغ عدد المعتقلين في الأحداث بنهاية عام 55 في أحد التقارير الدولية إلي عشرين ألف معتقل .
          وفي فترة حكم الرئيس السادات كانت الإعتقالات غير محدودة في الأخوان إنما شملت مئات من آخرين من شيوعيونَ وليبراليونَ واشتراكيونَ ووفديون ورجال دين ؛ بحيث لا يمكن الحكم عليها سوي بأنها موجهة لترسيخ قواعد الحكم بدعوي الإستقرار ، إلا أنها أتت بعكس ذلك تمامًا وانتهت باغتيال الرئيس في واقعة لا تحتاج إلي تعليق .
          ثم جاءَ دورُ الرئيس مبارك الذي إتخذ خطواتٍ رشيدة في بداية حكمه ، ودون إجراء حوارات أو مصالحات ، أفرج عن المعتقلين ثم بدأ في إجراءاتِ بنيةٍ تحتيةٍ ناجزة كان لها أثرًا عظيمًا في التغلب على قلاقل الثمانينات بأن أوجدت وظائفا في البنية التحتية تَخصُّ الفئة الأشد فقرًا في المجتمع وهي العمال . حتى أتت علينا قلاقل التسعينات ؛ وعلى الرغم من هزيمتها بالطرق الأمنية ، إلا أنها أتت بمجموعةٍ من القوانين السُّلطويةِ المُقيدةِ للحريات التي رَوَتْ بُذُور حالة عدم الإستقرار التالية .
          إلي أن وصلنا إلي أحداث 25 يناير وملا تلاها ، وظهر تَخبط الحكومة في إتجاهاتها في البداية ، من إعتقالاتٍ وإفراجاتٍ حتى أحداث 30 يونيو ؛ وأظهرت التقارير الخارجية المنشورة خارجيًا أنّ عدد القتلى تجاوز 2500  والمصابين 17000 ، في حين أنّ المقبوض عليهم بلغ 16000 . وبَينتْ بعض التقارير أنّ قتلي التظاهرات 2528 مدني و59 ضابطًا وجنديًا واحدًا ، بينما وقائع الإرهاب قتل فيها 150 ضابط و74 جندي و57 مدني ؛ وإن عدد التظاهرات بلغ 1100 مظاهرة وعدد العمليات الإرهابية 180 عملية . وإن المتحتجزين في مظاهرات 16387 منهم 2590 قياديًا أخوانيًا .
          وهذا ملخص ما تداوله المواقع الالكترونية الحقوقية ، وبالإضافة إلى موقع ويكي ثورة الذي نشأ بعد 30 يونيو . وذلك بالإضافة إلي الخطاب السيئ الذي تم توجيهه من الدنمارك وسِتًّا وثلاثون دولة أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية واليابان إلى السيد رئيس الجمهورية والمحرر في 7 مارس 2014 والمنشور على موقع مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة .Denmark and 36 nations letter to the president

        والسؤال الذي أطرَحُهُ الأن وبَعد كُلُّ هذا علي الرئيسِ الجديد الذي سيتولى المسئوليةَ قريبًا ؛ ليس هو إذا كان المزيدُ من إستخدام القوة والتجاوز في حقوق الإنسان سيأتي لمصر بالهدوء والاستقرار المطلوبَيْنِ لِتقدمِ حَالُ المواطنين ؟ ؛ وإنما السؤال الذي سأطرحُهُ هو هل هذا الإستخدام للقوةِ والتجاوز الذي رأيناه في الأيامِ الأخيرةِ قد أتي فعلاً بالنتيجةِ المطلوبة ، أم أنَّ حال الهدوء والإستقرار تنزِلُ مِنْ سيءٍ إلي أسوء .
          فإذا كانت الإجابة هي تلك التي أظُنُّها ، فإنّ المطلوب هو أيديولوجية جديدة لإدارة الوطن . والرأي عندي أن تلك الأيديولوجية يجب أن تعتمد أساسًا علي إعلاءِ حقوق الإنسان وقِيَم العدل في المجتمع بما يُطابقُ إشتراطاتِ الدستور المصري ، إنْ لم يَعْلو عليها ؛ فعلي مثل هذه القيم تقدمت الدول وعلا شأنُها ، وعلي عكس هذه القيم تخلفت الدول وإنزلقت من الإستقرار إلي الفوضي .
          فإنّ فتح الباب لِتجاوزٍ واحدٍ ، سُرعانَ ما يأتي بِموقفٍ يَلزمُه تجاوزًا آخرا ، وسرعان ما ينتهي البابُ الي شارعٍ ، ثم إلي طريقٍ سريع ؛ فإذا ما أرسلت شُرَطِيًا بعد ذلك لتنظيمه ، فسرعان ما تجده  صريعًا تحت عجلات سياراتِهِ المستهترة .


Friday, March 21, 2014

من صاحب المصلحة في مد الفترة الإنتقالية

مَنْ صاحبُ المصلحة في مَدِّ الفترة الإنتقالية
        في حديثٍ لرئيس الجمهورية بأحد البرامج التلفزيونية ، قال إنّ مصر تتقدم للأمام ، وفي نفس الحديث قال أنه يتوقع تصعيداً في أعمال العنف ؛ فإذا كان التصعيد في عدد العمليات فهو لا يدفع الأمة للتقدم ، وإذا كان في حجم كل عملية علي حدة  فهو أيضًا لايمثل تقدما للأمة ، فأين إذًا التقدم . وأفاد في رده على المادة التي حصنت قرار لجنة الإنتخابات الرئاسية من الطعن وذلك بما أسماه الرئيس " توفير الضمانات لمنصب الرئيس لعدم تعريض الدولة لِخسارةٍ تصلُ إلى 650 مليون جنيه في حالة قبول الطعن " . فهل لنا أن نسأل كم تكبدت الدولة من خسائر نتيجة تحصين قرار لجنة الانتخابات الرئاسية السابقة بعد أن استقر في قلبِ بعض المواطنين أنّه كان يوجد ما يُوجِبُ الطعن ، مثلَ إستمارات المطابع الأميرية ، ومنع بعض الناخبين من الوصول إلي الصناديق ضمن أسباب أخري ؛ أفلم يكن من الأفضل أنْ يُطعن علي شرعيةِ الرئيس قبل تولية السلطة فيتولي القضاء ألإقرار بِصحةِ الإنتخابات أو فسادِها ، فلا تتعرض مصر لمثل ما تحملته من خسائر في فترة الرئيس مرسي ، بالإضافة إلي ما عانته في الفترة الإنتقالية الحالية . أما ما جاء في الحديث بشأن إنتقاده للنخب لأنهم حسب وصفه " يختلفون دائمًا " ، فإن الإختلاف هو طبيعةُ الحكمِ الديمقراطي ،  وهو مُلازمٌ له لا يفارقه ، وهذا الإختلاف هو في الواقع ما يُنتجُ الرأيَ السديد الذي تتقدم به الأمم خاصة وأن تقبل الرأي ألأخر هو أهم وأول أسس الحكم الديمقراطي . وكنت أتمنى أن لا يقول " إنّ معظم من إنتقد القانون لم يُقدم البديل " فهو قَولٌ لا يليق بِقامةٍ عالية مِثل قامة الرئيس بِعلمه القانوني الكبير والمناصب القيادية التي تولاها عن قدرةٍ وعلمٍ وإستحقاق ؛ فإن البديل بديهي ألا وهو عدم تحصين القرار لينتج في النهاية رئيس أقرّ القضاء بشرعيتهِ ، أو أقرّ الناسُ بشرعيتهِ دون طعنٍ مُصرحٌ به .
        وإذا طالعنا باقي أخبار مصر فإننا نجد أنّ الأمة علي وشك إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية وما يحتويه القانون من مادةٍ جدلية تقضي بحرمانِ من يتم إتهامه في جنايةٍ من حُقوقِه السياسةِ في الترشح . وكنت قد علقت علي هذا في مقالة سابقة بقولي هل هناك خوفٌ فعلي لدى الإدارة من أن يترشح الرئيس حسني مبارك أو الرئيس محمد مرسي وأن يكسب الإنتخابات؟ ، إلا أنه يبدو مع مرور الأيام أن هناك المزيد ممن سيقعون تحت طائلة هذه المادة ، بعد أن طالعتنا الأهرام بتحويل المهندس رشيد وزير الصناعة السابق إلى الجنايات لإستغلاله نُفوذه في الحصول علي معلوماتٍ سريةٍ عن زِيادة رأس مال شركة هيرميس عام 2005 مما دَفعه لشراء أسهم حققت أرباحًا له . وإن كنت لا أعلم ما هو قدرُ السرية في العلم بأنّ شركة ما سترفع رأس مالها ، فهو أمرٌ متاح معرفته لكثيرٍ ممن يتعاملون في البورصة وإقرارًا لقانون الشفافية الخاص بالبورصة ، وهو أيضًا يكون واضحًا لكل محللٍ لميزانية الشركة وما تظهره الميزانية من إحتياجاتٍ للتمويل . ولا أعلم أيضَا لماذا تذكرت الإدارة فجأة ما قام به رشيد عام 2005 بعد كل تلك السنوات . ولا نعلم في هذا الصدد من يأتي بعد رشيد ، فلعل المستشار هشام جنينه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات - الذي تم تقديمه إلى محكمة الجنايات لإهانة القضاة في موضوع ما أورده تقرير الجهاز بمخالفات ارتكبها قضاة - أن يكون قد قرر أن يرشح نفسه للرئاسة هو الآخر . ولكن ما هو الخوف الحقيقي في ظل الحالة الموجودة علي الأرض حاليًا من هبوط بورصة المرشحين مع إرتفاع رصيد المشير من تأييد المواطنين إلي درجة قد تكون غير مسبوقة .
        وإذا تناولنا باقي أحوال الوطن بعيدًا عن القوانين المتعلقة بالانتخابات ، فإننا سنجد ارتفاعًا في رصيد القطن المخزون إلى ما يزيد عن 3 مليون قنطار تبحث عن مشتري من شركات الأقطان التي أعرضت عن الشراء انتظارًا لِدعم الحكومة لِسعر القطن بما يوازي 200 مليون جنيه ، وفضلت أن توقف إنتاجها إختيارًا أو إجبارًا بِفعل المطالب المالية للعمال التي وصلت إلى نحو 60 مليون جنيه . بينما نجد بالمقابل أنْ يَتَقرر إخلاء مَحْلَج ديرب نجم (شرقية) ومساحته تزيد عن 155 ألف متر مربع من معداته لِتسليمه إلي بنوك مصر والبنك الأهلي سدادًا لمديونية شركته بناءً على قرار الشركة القابضة رقم 267 المؤرخ في 14 فبراير 2014 .
        ثم تأتي علي محورٍ آخر الأخبار من السيد وزير الطاقة بما يتوعدنا به عن قطع الكهرباء في الصيف القادم في خبر أصبح وروده شبه يومي بالصحف ، حتي أتت ألأهرام في عدد 21 مارس بخبرٍ عن خروج 1680 ميجاواط من الشبكة ، وتصريح رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة - التي لا نعلم قدر إنتاج محطات الطاقة التابعة لها - علي إستحياءٍ بأن بنك التعمير ألألماني لم ينسحب من تمويل محطة خليج السويس ؛ في الوقت الذي فيه طالعتنا جريدة الأهرام في صفحتها الأولي بخبرٍ يشيعُ التفاؤل مفاده أنّ إيطاليا بصدد إبرام عقود إستثمارات في مصر بقيمة 1.3 مليار دولار ، فلعلها ترسل مع الإستثمارات الطاقة اللازمة لتشغيلها . وإن كانت قد حرصت رئيسةُ جهاز حماية المنافسة بأن تشرح لنا أنّ مشاكل العجز في الطاقة أدت إلى توقف بعض خطوط الإنتاج في مصانع الأسمنت ما دفع سعره إلى حوالي 800 جنيه للطن وأوضحت أنه لابد من فتح الباب لدخولِ شركاتٍ جديدة إلى سوق الأسمنت للسيطرة علي سعره عن طريق وفرة الإنتاج ؛ وأنا في الواقع لا أعلم كيف يكون حل مشكلة إرتفاع سعر الأسمنت عن طريق إنشاء مصانع إضافية تنضم خطوطُ إنتاجها الي الخطوط المتعطلة بسبب عدم وفرة الطاقة .
       


Wednesday, March 12, 2014

ثلاثةُ سِينينَ مِنَ الثورة - لا الشّعبُ شَبَّ ولا الحُكومَةُ جَاوزت حَدَّ الصِّغَرْ

ثلاثةُ سِينينَ مِنَ الثورة
لا الشّعبُ شَبَّ ولا الحُكومَةُ جَاوزت حَدَّ الصِّغَرْ
صَدرَ قانون الإنتخاباتِ الرئاسية علي غير ما تَشتهي الأُمة . خاصةً بعد أن عارضه الناس حتي عارضته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، ورفضت ما نصت عليه المادة من تحصين قرارات اللجنة العليا لِلانتخابات مِن الطعن عليها ؛ وكذلك رفضت التعديلات التشريعية المقترحة ، تلك التي يُتوقعُ صدورها قريبًا ، والتي من شأنِها مَنع المُحالين إلي المحاكم الجنائية من مباشرة حقوقهم السياسية حتي صدور حكمٍ قضائي في الإتهامات الموجهة إليهم .
        أمَا وقد تناولت الموضوع الأول في مقالة سابقة بالمناقشة من حيث دُستوريةِ النص ، وإنتهيتُ إلي عدم دستوريته ؛ فقد يَحسُن أن أتناول الموضوع من وجهةِ نظرٍ أُخري ، وجهة النظر العملية . إنّ شَرعيةَ الرئيس هي أهم أركان إستقرارِ الحُكم ، فلا تستقر بلد تحتوي علي جماعاتٍ تُؤمن بِعدم شَرعية الرئيس ؛ وقد تمثل لنا ذلك واضحًا في الإنتخابات الرئاسية السابقة ، حَيث ثارت الشُبهات علي شرعيةِ الرئيس وتزوير بطاقاتٍ إنتخابية بالمطابع الأميرية ، وبمنع الناخبين في بعض المحافظات من الوصول إلي الصناديق ؛ وفي ظل عدم إمكان الطعن علي الإنتخابات بحيث يتولي القضاء الرد علي هذه الشبهات ، نَمَتْ الأقاويل ، ومع مرور الوقت لم يستقر حال البلاد بحيث يمكن للأحوال المعيشية للمواطنين أن تتقدم ، ولم تفلح محاولات الحكومة السابقة في إبداء الأعذار والأسباب في عدم تقدم حالة المواطن ؛ فإذا بالشعبِ ينادي بإزالة الحُكم ، فتتقدم نفس الهيئة التي تَعلمُ يقينًا أن كانت الإنتخابات قد تم التلاعب بها من عدمه ، فتزيل الحكم وتمضي إلى مرحلة انتقالية جديدة . فينهض السؤال أفلم يكن من الأفضل للوطن أنْ يُطْعَنَ فور إعلان النتيجة على شرعية الإنتخابات فيتغيرَ الحُكمُ فورًا ، فَيَعُمَّ الإستقرار المؤهِل للتقدم ، بدلا مما تعانيه البلاد من عدم الاستقرار في الثماني أشهر الماضية فضلًا عن عدم الإستقرار المتوقع في خلال فترة الإنتخابات القادمة .
        أمّا الموضوع الثاني وهو حِرمانُ المتهم من مباشرة حقوقه السياسية ، وهذا الموضوع يمثل خطرًا عظيمًا علي تقدم الأمة ، ليس فقط علي الجيل الحالي ، إنما علي أجيالٍ قادمة . فهو بالإضافةِ إلي مُخالفته لأكثر من نَصٍ من نصوص الدستور المصري الحالي ، فإنه يُخالف كافة الدساتير المصرية بالإضافة إلي كافة الدساتير العالمية ، ووثيقة حقوق الإنسان ، ويخالف جميع الأعراف القانونية ؛ فإنه يؤسس لمبدءٍ جديدٍ في حياة الأمة ، ألَا وهو الحكم بالقوة وليس بالقانون . وإن من يَملُك القوة لَهُ أن يقهر الأفراد ويظلمهم .
        ولما كان أنه من القوانين الإلهية التي أرساها الله في الأرض ، أن القوة لا تدين للفرد علي مدى حياتِه ، إذ أنه لابد وأن يسلم تاج الحكم في وقت ، ما فتدور الدوائر عليه ، فإذا بِه يُعاني من قانونٍ أقره بنفسه .
        ولكن ما هو الهدف من وراء إقرار هذا القانون ؟ ، أفلم ينضح الشعب إلي الحد الذي يمكن معه أن تصارحه الحكومة بأسباب إصدارها للقانون؟ ، أفلم يَشِبَّ الشعبُ حتي تُخاويه الحُكومة أُسوةً بما يفعله الأب مع إبنه إنْ شَبَّ . فهل يُقرُ القانون لِمنعِ الرئيس حسني مبارك من الترشح ، أو لمنع الرئيس مرسي من الترشح ، أم لِمنع آخرين ممن لا نعلمُهم ويُخشي أمرهم ، وهل يُمكن لأيٍ من هؤلاء ، في حالةِ ترشحهم أن ينجحوا ؟ ؛ فإذا كانت الإجابةُ علي هذا السؤال بالنفي ، فما هي فائدةُ القانون ذو السمعةِ السيئة ؟ ، أمّا إذا كانت الإجابة علي هذا السؤال بالإيجاب ، فأنه يكون من الأحري بالحكومة في هذه الحالة أن تسعي إلى تَغييرِ الشعبِ المصري واستبداله بشعبٍ آخر .


Monday, March 3, 2014

أَوّلُ القصيدةِ ... يُنْبِئُ بِنِهايَتِها

أَوّلُ القصيدةِ ... يُنْبِئُ بِنِهايَتِها
بعدَ مُعاناةٍ وإعتذاراتِ بعض المُختارين ، ورفض قوى شعبية للبعض الأخر ، تم تشكيل حكومة جديدة ، أعني نِصف جديدة أو أقل ، فقد شملت تسعة عشر وزيرًا قديمًا ، وأثني عشر وزيرًا جديدًا . وكنا قبل الثورة نَتقدم بِالعزاء والمواساة للذين يخرجون من الوزارة ، ولكنني أشعر الأن بِالرثاءِ للأعضاء الذين دخلوا الوزارة وليس الذين خرجوا منها ، فلا تتوافر ميزانية ، ولا تتوافر طاقة كهربائية ، ولا يتوافر وقود ؛ وإذا تناسينا لِفترةٍ ألإضرابات والمطالب الفئوية ، فسنواجه بمشاكل الإنفلات الأمني الذي يقودُه الباعةُ الجائلون في ميدان الإسعاف بوسط البلد ، ولكنّ المُهم أن الشعب متفائل بالوزارة الجديدة ، وكَأَنّ الإثني عشرة وزيرًا الذين خرجوا ، هم بِذاتِهم السبب في إنخفاض مستوي أداء الوزارة السابقة ، أو أنّ الإثني عشرة الجدد سيقومون ببعض أعمال التسعة عشر إلي جانب عملهم في وزاراتهم .

        وفجأة تطالعنا الأهرام بموضوعين ، الأول هو الخاص بوعود وتعهدات رئيس الوزراء والتي جاء من ضمنها الإمتداد العمراني للوصول بالمساحة المعمورة في مصر من 5.5% إلى 30% ، وهو حديثٌ يمكن هضمه أو تجاوز عيوبه إذا كان رئيس الوزراء ليس مهندسًا ، أما في الوضع الحالي فإنه يجدر بي أنْ أُبين للناس بعض الحقائق ؛ إن مساحة مصر إجمالًا هي مليون وألفان وأربعمائة وخمسون كيلومترًا مربعًا ، وأنّ زيادة المساحة المعمورة من 5.5% إلى 30% ما يُمثل 24.5% أي مساحة 245000 كم مربع . فإذا علمنا أن مساحة قاهرةَ المعزِّ كمدينة هي 214 كم مربع وأن مساحتها كمحافظة هي حاليا 1277 كم مربع ؛ وأن مساحة الإسكندرية كمحافظة هي 2680 كم مربع ؛ والأقصر هي 55 كم مربع ، وبور سعيد هي 72 كم مربع ، فلك أن تتخيل حجم الوعد الذي قطعه رئيس الوزراء علي نفسه ، فكم من قاهرةٍ سيؤسسها . إلّا أنني سأصدقه في إنتظارِ أن يُفصح لنا رئيس الوزراء عن مدة هذه الخُطة هل هي خمسية أم مؤية أم ألفية . أما الموضوع الآخر الذي أثارته الأهرام فهو بالقياس أقربُ للتنفيذ من السابق ، ألَا وهو حساب الأموال الخاصة بالهيئة القومية للتأمينات الإجتماعية والموجودة في حوزةِ الحكومة ، والتي يطالب بها حوالي تسعة ملايين من أصحاب المعاشات ، والتي قدرتها الأهرام شاملة لفوائدها بمبلغ حوالي تريليون جنيه مصري . ويجدر ألا ننسي أنهم أيضًا من ضمن الذين يطالبون بحدٍ أدني للمعاشات .