مَنْ صاحبُ المصلحة في مَدِّ الفترة الإنتقالية
في حديثٍ لرئيس الجمهورية بأحد البرامج التلفزيونية
، قال إنّ مصر تتقدم للأمام ، وفي نفس الحديث قال أنه يتوقع تصعيداً
في أعمال العنف ؛ فإذا كان التصعيد في عدد العمليات فهو لا يدفع الأمة للتقدم ، وإذا
كان في حجم كل عملية علي حدة فهو أيضًا لايمثل
تقدما للأمة ، فأين إذًا التقدم . وأفاد في رده على المادة التي حصنت قرار لجنة الإنتخابات
الرئاسية من الطعن وذلك بما أسماه الرئيس " توفير الضمانات لمنصب
الرئيس لعدم تعريض الدولة لِخسارةٍ تصلُ إلى 650 مليون جنيه في حالة قبول الطعن
" . فهل لنا أن نسأل كم تكبدت الدولة من خسائر نتيجة تحصين قرار لجنة
الانتخابات الرئاسية السابقة بعد أن استقر في قلبِ بعض المواطنين أنّه كان يوجد ما
يُوجِبُ الطعن ، مثلَ إستمارات المطابع الأميرية ، ومنع بعض الناخبين من الوصول
إلي الصناديق ضمن أسباب أخري ؛ أفلم يكن من الأفضل أنْ يُطعن علي شرعيةِ الرئيس
قبل تولية السلطة فيتولي القضاء ألإقرار بِصحةِ الإنتخابات أو فسادِها ، فلا تتعرض
مصر لمثل ما تحملته من خسائر في فترة الرئيس مرسي ، بالإضافة إلي ما عانته في
الفترة الإنتقالية الحالية . أما ما جاء في الحديث بشأن إنتقاده للنخب لأنهم حسب
وصفه " يختلفون دائمًا " ، فإن الإختلاف هو طبيعةُ الحكمِ
الديمقراطي ، وهو مُلازمٌ له لا يفارقه ،
وهذا الإختلاف هو في الواقع ما يُنتجُ الرأيَ السديد الذي تتقدم به الأمم خاصة وأن
تقبل الرأي ألأخر هو أهم وأول أسس الحكم الديمقراطي . وكنت أتمنى أن لا يقول "
إنّ معظم من إنتقد القانون لم يُقدم البديل " فهو قَولٌ لا يليق بِقامةٍ
عالية مِثل قامة الرئيس بِعلمه القانوني الكبير والمناصب القيادية التي تولاها عن
قدرةٍ وعلمٍ وإستحقاق ؛ فإن البديل بديهي ألا وهو عدم تحصين القرار لينتج في
النهاية رئيس أقرّ القضاء بشرعيتهِ ، أو أقرّ الناسُ بشرعيتهِ دون طعنٍ مُصرحٌ به .
وإذا طالعنا باقي أخبار مصر فإننا نجد أنّ
الأمة علي وشك إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية وما يحتويه القانون من مادةٍ
جدلية تقضي بحرمانِ من يتم إتهامه في جنايةٍ من حُقوقِه السياسةِ في الترشح . وكنت
قد علقت علي هذا في مقالة سابقة بقولي هل هناك خوفٌ فعلي لدى الإدارة من أن يترشح
الرئيس حسني مبارك أو الرئيس محمد مرسي وأن يكسب الإنتخابات؟ ، إلا أنه يبدو مع مرور
الأيام أن هناك المزيد ممن سيقعون تحت طائلة هذه المادة ، بعد أن طالعتنا الأهرام
بتحويل المهندس رشيد وزير الصناعة السابق إلى الجنايات لإستغلاله نُفوذه في الحصول
علي معلوماتٍ سريةٍ عن زِيادة رأس مال شركة هيرميس عام 2005 مما دَفعه لشراء أسهم
حققت أرباحًا له . وإن كنت لا أعلم ما هو قدرُ السرية في العلم بأنّ شركة ما سترفع
رأس مالها ، فهو أمرٌ متاح معرفته لكثيرٍ ممن يتعاملون في البورصة وإقرارًا لقانون
الشفافية الخاص بالبورصة ، وهو أيضًا يكون واضحًا لكل محللٍ لميزانية الشركة وما
تظهره الميزانية من إحتياجاتٍ للتمويل . ولا أعلم أيضَا لماذا تذكرت الإدارة فجأة
ما قام به رشيد عام 2005 بعد كل تلك السنوات . ولا نعلم في هذا الصدد من يأتي بعد
رشيد ، فلعل المستشار هشام جنينه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات - الذي تم تقديمه
إلى محكمة الجنايات لإهانة القضاة في موضوع ما أورده تقرير الجهاز بمخالفات
ارتكبها قضاة - أن يكون قد قرر أن يرشح نفسه للرئاسة هو الآخر . ولكن ما هو الخوف الحقيقي
في ظل الحالة الموجودة علي الأرض حاليًا من هبوط بورصة المرشحين مع إرتفاع رصيد
المشير من تأييد المواطنين إلي درجة قد تكون غير مسبوقة .
وإذا تناولنا باقي أحوال الوطن بعيدًا عن
القوانين المتعلقة بالانتخابات ، فإننا سنجد ارتفاعًا في رصيد القطن المخزون إلى
ما يزيد عن 3 مليون قنطار تبحث عن مشتري من شركات الأقطان التي أعرضت عن الشراء
انتظارًا لِدعم الحكومة لِسعر القطن بما يوازي 200 مليون جنيه ، وفضلت أن توقف
إنتاجها إختيارًا أو إجبارًا بِفعل المطالب المالية للعمال التي وصلت إلى نحو 60
مليون جنيه . بينما نجد بالمقابل أنْ يَتَقرر إخلاء مَحْلَج ديرب نجم (شرقية)
ومساحته تزيد عن 155 ألف متر مربع من معداته لِتسليمه إلي بنوك مصر والبنك الأهلي
سدادًا لمديونية شركته بناءً على قرار الشركة القابضة رقم 267 المؤرخ في 14 فبراير
2014 .
ثم تأتي علي محورٍ آخر الأخبار من السيد
وزير الطاقة بما يتوعدنا به عن قطع الكهرباء في الصيف القادم في خبر أصبح وروده
شبه يومي بالصحف ، حتي أتت ألأهرام في عدد 21 مارس بخبرٍ عن خروج 1680 ميجاواط من
الشبكة ، وتصريح رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة - التي لا نعلم قدر إنتاج محطات
الطاقة التابعة لها - علي إستحياءٍ بأن بنك التعمير ألألماني لم ينسحب من تمويل
محطة خليج السويس ؛ في الوقت الذي فيه طالعتنا جريدة الأهرام في صفحتها الأولي
بخبرٍ يشيعُ التفاؤل مفاده أنّ إيطاليا بصدد إبرام عقود إستثمارات في مصر بقيمة
1.3 مليار دولار ، فلعلها ترسل مع الإستثمارات الطاقة اللازمة لتشغيلها . وإن كانت
قد حرصت رئيسةُ جهاز حماية المنافسة بأن تشرح لنا أنّ مشاكل العجز في الطاقة أدت
إلى توقف بعض خطوط الإنتاج في مصانع الأسمنت ما دفع سعره إلى حوالي 800 جنيه للطن
وأوضحت أنه لابد من فتح الباب لدخولِ شركاتٍ جديدة إلى سوق الأسمنت للسيطرة علي
سعره عن طريق وفرة الإنتاج ؛ وأنا في الواقع لا أعلم كيف يكون حل مشكلة إرتفاع سعر
الأسمنت عن طريق إنشاء مصانع إضافية تنضم خطوطُ إنتاجها الي الخطوط المتعطلة بسبب
عدم وفرة الطاقة .
No comments:
Post a Comment