ثلاثةُ سِينينَ مِنَ الثورة
لا الشّعبُ شَبَّ ولا الحُكومَةُ جَاوزت
حَدَّ الصِّغَرْ
صَدرَ قانون الإنتخاباتِ الرئاسية علي
غير ما تَشتهي الأُمة . خاصةً بعد أن عارضه الناس حتي عارضته المنظمة المصرية
لحقوق الإنسان ، ورفضت ما نصت عليه المادة من تحصين قرارات اللجنة العليا لِلانتخابات
مِن الطعن عليها ؛ وكذلك رفضت التعديلات التشريعية المقترحة ، تلك التي يُتوقعُ
صدورها قريبًا ، والتي من شأنِها مَنع المُحالين إلي المحاكم الجنائية من مباشرة
حقوقهم السياسية حتي صدور حكمٍ قضائي في الإتهامات الموجهة إليهم .
أمَا وقد تناولت الموضوع الأول في مقالة
سابقة بالمناقشة من حيث دُستوريةِ النص ، وإنتهيتُ إلي عدم دستوريته ؛ فقد يَحسُن
أن أتناول الموضوع من وجهةِ نظرٍ أُخري ، وجهة النظر العملية . إنّ شَرعيةَ الرئيس
هي أهم أركان إستقرارِ الحُكم ، فلا تستقر بلد تحتوي علي جماعاتٍ تُؤمن بِعدم شَرعية
الرئيس ؛ وقد تمثل لنا ذلك واضحًا في الإنتخابات الرئاسية السابقة ، حَيث ثارت الشُبهات
علي شرعيةِ الرئيس وتزوير بطاقاتٍ إنتخابية بالمطابع الأميرية ، وبمنع الناخبين في
بعض المحافظات من الوصول إلي الصناديق ؛ وفي ظل عدم إمكان الطعن علي الإنتخابات
بحيث يتولي القضاء الرد علي هذه الشبهات ، نَمَتْ الأقاويل ، ومع مرور الوقت لم
يستقر حال البلاد بحيث يمكن للأحوال المعيشية للمواطنين أن تتقدم ، ولم تفلح
محاولات الحكومة السابقة في إبداء الأعذار والأسباب في عدم تقدم حالة المواطن ؛
فإذا بالشعبِ ينادي بإزالة الحُكم ، فتتقدم نفس الهيئة التي تَعلمُ يقينًا أن كانت
الإنتخابات قد تم التلاعب بها من عدمه ، فتزيل الحكم وتمضي إلى مرحلة انتقالية
جديدة . فينهض السؤال أفلم يكن من الأفضل للوطن أنْ يُطْعَنَ فور إعلان النتيجة
على شرعية الإنتخابات فيتغيرَ الحُكمُ فورًا ، فَيَعُمَّ الإستقرار المؤهِل للتقدم
، بدلا مما تعانيه البلاد من عدم الاستقرار في الثماني أشهر الماضية فضلًا عن عدم
الإستقرار المتوقع في خلال فترة الإنتخابات القادمة .
أمّا الموضوع الثاني وهو حِرمانُ المتهم
من مباشرة حقوقه السياسية ، وهذا الموضوع يمثل خطرًا عظيمًا علي تقدم الأمة ، ليس
فقط علي الجيل الحالي ، إنما علي أجيالٍ قادمة . فهو بالإضافةِ إلي مُخالفته لأكثر
من نَصٍ من نصوص الدستور المصري الحالي ، فإنه يُخالف كافة الدساتير المصرية
بالإضافة إلي كافة الدساتير العالمية ، ووثيقة حقوق الإنسان ، ويخالف جميع الأعراف
القانونية ؛ فإنه يؤسس لمبدءٍ جديدٍ في حياة الأمة ، ألَا وهو الحكم بالقوة وليس
بالقانون . وإن من يَملُك القوة لَهُ أن يقهر الأفراد ويظلمهم .
ولما كان أنه من القوانين الإلهية التي
أرساها الله في الأرض ، أن القوة لا تدين للفرد علي مدى حياتِه ، إذ أنه لابد وأن
يسلم تاج الحكم في وقت ، ما فتدور الدوائر عليه ، فإذا بِه يُعاني من قانونٍ أقره
بنفسه .
ولكن ما هو الهدف من وراء إقرار هذا
القانون ؟ ، أفلم ينضح الشعب إلي الحد الذي يمكن معه أن تصارحه الحكومة بأسباب
إصدارها للقانون؟ ، أفلم يَشِبَّ الشعبُ حتي تُخاويه الحُكومة أُسوةً بما يفعله
الأب مع إبنه إنْ شَبَّ . فهل يُقرُ القانون لِمنعِ الرئيس حسني مبارك من الترشح ،
أو لمنع الرئيس مرسي من الترشح ، أم لِمنع آخرين ممن لا نعلمُهم ويُخشي أمرهم ،
وهل يُمكن لأيٍ من هؤلاء ، في حالةِ ترشحهم أن ينجحوا ؟ ؛ فإذا كانت الإجابةُ علي
هذا السؤال بالنفي ، فما هي فائدةُ القانون ذو السمعةِ السيئة ؟ ، أمّا إذا كانت
الإجابة علي هذا السؤال بالإيجاب ، فأنه يكون من الأحري بالحكومة في هذه الحالة أن
تسعي إلى تَغييرِ الشعبِ المصري واستبداله بشعبٍ آخر .
No comments:
Post a Comment