Wednesday, March 12, 2014

ثلاثةُ سِينينَ مِنَ الثورة - لا الشّعبُ شَبَّ ولا الحُكومَةُ جَاوزت حَدَّ الصِّغَرْ

ثلاثةُ سِينينَ مِنَ الثورة
لا الشّعبُ شَبَّ ولا الحُكومَةُ جَاوزت حَدَّ الصِّغَرْ
صَدرَ قانون الإنتخاباتِ الرئاسية علي غير ما تَشتهي الأُمة . خاصةً بعد أن عارضه الناس حتي عارضته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، ورفضت ما نصت عليه المادة من تحصين قرارات اللجنة العليا لِلانتخابات مِن الطعن عليها ؛ وكذلك رفضت التعديلات التشريعية المقترحة ، تلك التي يُتوقعُ صدورها قريبًا ، والتي من شأنِها مَنع المُحالين إلي المحاكم الجنائية من مباشرة حقوقهم السياسية حتي صدور حكمٍ قضائي في الإتهامات الموجهة إليهم .
        أمَا وقد تناولت الموضوع الأول في مقالة سابقة بالمناقشة من حيث دُستوريةِ النص ، وإنتهيتُ إلي عدم دستوريته ؛ فقد يَحسُن أن أتناول الموضوع من وجهةِ نظرٍ أُخري ، وجهة النظر العملية . إنّ شَرعيةَ الرئيس هي أهم أركان إستقرارِ الحُكم ، فلا تستقر بلد تحتوي علي جماعاتٍ تُؤمن بِعدم شَرعية الرئيس ؛ وقد تمثل لنا ذلك واضحًا في الإنتخابات الرئاسية السابقة ، حَيث ثارت الشُبهات علي شرعيةِ الرئيس وتزوير بطاقاتٍ إنتخابية بالمطابع الأميرية ، وبمنع الناخبين في بعض المحافظات من الوصول إلي الصناديق ؛ وفي ظل عدم إمكان الطعن علي الإنتخابات بحيث يتولي القضاء الرد علي هذه الشبهات ، نَمَتْ الأقاويل ، ومع مرور الوقت لم يستقر حال البلاد بحيث يمكن للأحوال المعيشية للمواطنين أن تتقدم ، ولم تفلح محاولات الحكومة السابقة في إبداء الأعذار والأسباب في عدم تقدم حالة المواطن ؛ فإذا بالشعبِ ينادي بإزالة الحُكم ، فتتقدم نفس الهيئة التي تَعلمُ يقينًا أن كانت الإنتخابات قد تم التلاعب بها من عدمه ، فتزيل الحكم وتمضي إلى مرحلة انتقالية جديدة . فينهض السؤال أفلم يكن من الأفضل للوطن أنْ يُطْعَنَ فور إعلان النتيجة على شرعية الإنتخابات فيتغيرَ الحُكمُ فورًا ، فَيَعُمَّ الإستقرار المؤهِل للتقدم ، بدلا مما تعانيه البلاد من عدم الاستقرار في الثماني أشهر الماضية فضلًا عن عدم الإستقرار المتوقع في خلال فترة الإنتخابات القادمة .
        أمّا الموضوع الثاني وهو حِرمانُ المتهم من مباشرة حقوقه السياسية ، وهذا الموضوع يمثل خطرًا عظيمًا علي تقدم الأمة ، ليس فقط علي الجيل الحالي ، إنما علي أجيالٍ قادمة . فهو بالإضافةِ إلي مُخالفته لأكثر من نَصٍ من نصوص الدستور المصري الحالي ، فإنه يُخالف كافة الدساتير المصرية بالإضافة إلي كافة الدساتير العالمية ، ووثيقة حقوق الإنسان ، ويخالف جميع الأعراف القانونية ؛ فإنه يؤسس لمبدءٍ جديدٍ في حياة الأمة ، ألَا وهو الحكم بالقوة وليس بالقانون . وإن من يَملُك القوة لَهُ أن يقهر الأفراد ويظلمهم .
        ولما كان أنه من القوانين الإلهية التي أرساها الله في الأرض ، أن القوة لا تدين للفرد علي مدى حياتِه ، إذ أنه لابد وأن يسلم تاج الحكم في وقت ، ما فتدور الدوائر عليه ، فإذا بِه يُعاني من قانونٍ أقره بنفسه .
        ولكن ما هو الهدف من وراء إقرار هذا القانون ؟ ، أفلم ينضح الشعب إلي الحد الذي يمكن معه أن تصارحه الحكومة بأسباب إصدارها للقانون؟ ، أفلم يَشِبَّ الشعبُ حتي تُخاويه الحُكومة أُسوةً بما يفعله الأب مع إبنه إنْ شَبَّ . فهل يُقرُ القانون لِمنعِ الرئيس حسني مبارك من الترشح ، أو لمنع الرئيس مرسي من الترشح ، أم لِمنع آخرين ممن لا نعلمُهم ويُخشي أمرهم ، وهل يُمكن لأيٍ من هؤلاء ، في حالةِ ترشحهم أن ينجحوا ؟ ؛ فإذا كانت الإجابةُ علي هذا السؤال بالنفي ، فما هي فائدةُ القانون ذو السمعةِ السيئة ؟ ، أمّا إذا كانت الإجابة علي هذا السؤال بالإيجاب ، فأنه يكون من الأحري بالحكومة في هذه الحالة أن تسعي إلى تَغييرِ الشعبِ المصري واستبداله بشعبٍ آخر .


No comments:

Post a Comment