Wednesday, April 9, 2014

مصر ألأمل والحلم

مصر ألأمل والحلم
          الأمل والحلم والخيال ، كلماتٌ حَرَّكَتْ الجبال على مر التاريخ . فالأمل هو ما يحدو الرجل الذي يمارس الحياة العملية ، فيبنى خطوة بعد خطوة ، وطوبة بعد طوبة ، حتى يعلو بناءه ، وكلما علا بناؤُه دورًا نما أمله فى الدور التالى . أما الحلم فهو يراود نوعان من الرجال ، أولهما فَنانٌ ذو بَصَرٍ وبصيره ، وله يَدٌ قوية مُنجِزة ، والآخر لا يملِك من القدرة ما يدفع به حياته خطوة إلى الأمام ، فيكونَ حِلمُهُ خَيال لا يغنى ولا يشبع من جوعٍ ، مهما صَغُرَتْ آفاقُه أو عَلَتْ ، فهى لا تتعدى أُفْقَ الخيال .
          وطالما راودني الأمل في أن أرى صناعة الغزل والنسيج المصرية تعود إلى ريادتها في العالم ، فقد نَشأتُ فى رُبوعِها حيث كان أبى أحد قياداتها ، فَجَرَيْتُ فى حدائِقها غُلامًا ، وزُرتُ مَصانِعها رفيعةَ البناء جليلةَ الأثَر شابا ، وكيف أنّ قَليلَ العديدِ من العمالِ رفعَ شأنها على دول أوروبا ،  فَظننتُ أنّها تُؤسِّسُ فى الأرضِ وتَغْرِسُ للآخرين الثمر ، ورَجُلًا شَهَدتُ كيف وَهَى عَظْمُها وسقط . فموقفها الحالى شديدُ السوءِ عَصِىُّ الحلِّ ، فى حين يعتمد عليها مئات الآلاف من أُسرِ عُمالها ، وتَبَارَتْ الحكوماتِ المختلفة فى بيعِ أراضى تلك الشركات البائسة .
           ورُحتُ أحلُمُ بها وقد أصبَحتْ مناراتٌ للصناعة ، ولكن كيف السبيل وهى يلزَمُها عَمالة مدربة ، ماكينات حديثة ، ويلزم زيادة أحجام الشركات لتُماثِل حَجْم الوحدة الإنتاجية الاقتصادية حتى تُنافس أسعار السوق العالمية .
          وحتى لا يَنقلبَ الحلمُ إلى خَيالٍ فكان لابد من التفكيرِ فى خطواتٍ تنفيذية للحل . فوجدت الخطوات ما أسْهَلها إذا نظرنا إلى كيفية إنشاءِ هذه الشركات . فَقد بَدَأَتْ بِمشاركةٍ ، بين أحَد أهَمّ الإقتصاديين فى تَاريخِ مِصر ، رجلا ذو حلم عظيم ، وسَاعدٌ قوىٌ لتحقيقه ، هو طلعت حرب باشا بِواسطةِ بنك مِصر الذى أنشأه ، وبينَ أساطِينِ تِلك الصِّناعات فى بِريطانيا فى هيئةِ شَركاتٍ مساهمةٍ سَاهَمَ فيها المصريينَ بِمعظمِ رَأسِ المال ، وسَاهم كُلٌ مِن بنك مِصر والشُرَكاء الأجانب بِبَعضِ رأسِ المال ، وجاء ذلك كُله تحت مِظلةِ شَركاتٍ مُساهمةٍ مصريةٍ يَتم التّداول على أسهمها بِالبورصَةِ المصرية ، وتَولّى الجَانِب البِريطانى الإدارة الفنية بدايةً حتى تَمّ بِناءُ الكَوادر الفنية المصرية التى إستمرت فى إدارة هذه الشركاتِ بنجاحٍ بَعد إنسحابِ الكوادِر الأجنبية الواحد تلو الأخر . ومَع تَأميم الشركات ، هكذا إنقلب الحلم الى رؤيا ثم إلى حقيقة ؛ وبعد فَترةٍ زمنيةٍ ثَبَتَتْ الشركات على وَضعِها بَيْنَما تَطَوّرَتْ الصناعة فى العالم حتّى أصَابَ صِنَاعَتِنَا التّخَلفَ الذى نراه .

          فهل هذا أمرٌ من الصعب تَحقيقه ؟ كم رَاودتْ مِصرُ أحلامُنا ، أولُهَا قديمٌ لا نعلمه ، ولكننا نعلم آخرها وكانَ تحريرُ أراضينا المُحتلة على أكتاف رَجلٍ حَلُمَ فراودته رؤيا ثم عَزَمَ على تَحقيق الحُلم ، فَجَمعَ مِنَ الرجال الخبراء من يشد أذره ، وبالعلم والجهد والتصميم تحقق الهدف . فهل من يحقق لنا هذا الهدف ، فَلَعلّ الأحلامُ أن تنتشرَ فى رُبوعِ الوطن، الواحد تلو الآخر ، ولا تتحول أحلامُنا إلى خيال .

No comments:

Post a Comment