Sunday, April 27, 2014

الصحف الضد قومية

الصحف الضد قومية
جَريدةُ الأهرام أسسها سليم وبشارة تكلا عام 1875 ، حيث أصدرت عددها الأول عام 1876 ؛ ثم تأسست بعدها جريدة الأخبار وباقى الصحف التى تسمى حاليا بالصحف القومية ، وقد حققت الأهرام والصحف القومية إنجازاتٍ عديدة على مدى سنواتها المُمتدة ، كما حققت أرباحًا لِأصحابها يعلمُ الله مقدارها ، ولكن فى حُكمِ رَجُلِ الشارع بدون علم موثق ، وبالنظر إلى أسلوبِ حياتِ أصحابها ، فإنه يُقدرها بارباحٍ وفيرة ، وسددت الضرائب والرسوم المقدرة عليها فى حينه .
وبعد حوالي 85 عامًا من نشأتها تم تأميمها لتصبح مؤسسة الأهرام المملوكة للدولة ، كما تم تأميم باقى الصحف التى سميت بالصحف القومية ، واستمرت فى ءاداء رسالتها ما يزيد على خمسين عامًا أخرى بعد التأميم .
وفى يوم 24 إبريل الجارى قام رئيس الوزراء المصرى المهندس إبراهيم محلب بزيارة مؤسسة الأهرام حيث استقبله رئيس مجلس إدارتها ؛ فأتضح لنا من خلال زيارته أن الصحف القومية أصبحت مدينة بمبالغ ترقى إلى المليارات عبارة عن متأخرات للهيئة القومية للتأمينات ولمصلحة الضرائب ، وهي الجرائد الأكثر إنتشارًا فى مصر ، وقد وعد رئيس الوزراء بالتدخل لتقسيط المبالغ المتأخرة لهذه الجهات ، كما وعد بإعفائها من دفع أجرة نقل الصحف بواسكة السكة الحديد .
وأنا لا أعلم إن كانت الصحف الخاصة ، التي تغط بها إكشاك التوزيع ، تسدد تأمينات موظفيها وعمالها وتسدد ضرائبها أم لا . كما لا أعلم إذا ما كانت هذه الصحف ، فى حالة عدم السداد ، فإن رئيس الوزراء كان سيتدخل لتقسيط المتأخرات . ولكن ما أعلمه هو أن الأهرام والصحف القومية الأخرى لو كانت جرائد خاصة ، ولم تقم بالسداد ، فإنها كانت ستواجه الإفلاس لا محاله . كما أن ما أعلمه أيضاً أن العديد من قياداتها يُحاكَمون أو يُحقَّقَ معهم في تُهمٍ تتعلق بالإثراء غير المشروع من جراء عملهم بالجريدة بمبالغ تَصلُ أيضًا إلى مِليارات الجُنيهات ، حتى إن بعضهم أخلت النيابة سبيله مقابل كفالةٍ تقدر بمليوني جنيه ، وهو ما يجعلنا نعتقد أنّ النيابة لديها من الأدلة ما يكفى لتقديمها إلى المحكمة لإدانته .
ولكن السؤال المُهم الذي يطرحُ نفسه الأن هو : أفلهذا الفساد تم تأميم جريدة الأهرام والجرائد الأخرى ؟ ، أيمكن أنْ نُطلق عليها بهذا الوضع أنها الصحف القومية ؟ وإن كان هذا ، فماذا يمكن أن يكون شكل أداء الصحف ضد القومية ؟ ، أفلم يكن من الأجدى تركها لأصحابها فيسددوا التأمينات والضرائب بما يحقق إيراداتٍ للدولة ، بدلًا من نزيف الخسائر الذى يدفعه الشعب حاليا . ويبقى سؤالٌ أخير : ما هو سبب التأميم بما ذكرناه من ظروف ، فيجيب بَعض الناس : حتى تتحدث الجريدة باسم الحكومة وتشرح للمواطنين أحوال الحكومة دون تدليس ، أو أنْ تُسَبِّبَ للشعب قرارات الحكومة ؛ ولكن هذا دورٌ تستطيع الصحف الخاصة أيضًا أن تقومَ به ، وقد يسعد بعضها بأدائه .
ويجدر فى هذا الشأن مُراجعة ما قام به هتلر بواسطة بول جوزيف جوبلز في ألمانيا بما أسموه آن ذاك سلاح البروباجاندا ، وكانت وظيفته تعبئة الناس لتأييدِ الحكام فى تصرفاتهم الشاذه ، أو التمهيدِ لها أو تجميلِها . وبالنظر إلى كتابات جريدة الأهرام والصحف القومية الأخرى ، وأنا قارئ جيد للأهرام منذ سنوات طويلة ، فنجد أنها لا تقوم بهذا العمل ، على الأقل حاليًا . فقد يكون إذا من المناسب إعادتها لأصحابها حتى وإن كان ذلك بلا مقابل درءًا للضرر ، فإننا فى هذه الحالة سنوقف على الأقل نزيف الخسائر والفساد ؛ ثم نبدأ فى تحقيق إيراداتٍ جديدة للضرائب ، وسدادٍ لتأميناتٍ هىَ أصلًا مِلكٌ لأصحابها من العمال والموظفين ؛ ونُطَهِّرُ الشعب ، الذى هو صاحب الجريدة ، من ذنبِ أكلِ أموالَ بَعضِهِ .
وهل لنا ، إنْ لم يتم السيطرة على هذا الأمر على وجه السرعة ، أنْ نَقول بإننا نحتفظ بالجريدةِ حتى تستخدمها الإدارة الجيدة أبواقًا للبروباجاندا ؟.
إننا مقبلون على فترةٍ جديدةٍ فى حياةِ مصر من الديمقراطية ، ولا مَكانَ عندها للبروباجاندا أو التملق ، إنما الأفعال الطيبة ورعاية الإقتصاد ، هى التى سَتُحْسَبُ لِلإدارةِ الجديدة أو سَتُحسَبُ عليها .
فهل من يتدخل على وجهِ السرعة لينقذها من بؤسها ، حتى تسمى جميعا مع الصحف الخاصة بالصحف القومية ، بدلا من أن تكون ضد قومية .


No comments:

Post a Comment