Sunday, December 23, 2012


المخلوق الذى لا يعلم ، ولا يعلم أنه لا يعلم
فى قولٍ مأثور ، من قديم الأزل قيل أن الانسان هو المخلوق الذى يَعلَم ، والذى يَعلَم أنه يعلم . وكان مقال استخدام هذا القول حين يَغتر ألإنسان بأنه يعلم أكثر من قُدراته فَيتورط فيما لا يُحمد عُقباه من نتائج ،  تؤثر فى حياتهم أساسا ، وتنسحب على من حولهم من الناس بأضرارٍ بسيطةٍ كانت أم عظيمة .
فإذا أوقعنا هذا على ألاوضاعِ السياسية المصرية فى ألاشهر الماضية فلا يسعنا أن نسحب هذا القول علينا، بل كان من ألارجح أن نعدِّل هذا القول ألمأثور الى أنَّ مِصرَ تُحكَمُ بِواسطةِ إناسٌ لا يعلم ، ولا يعلم أنه لا يعلم . وقد كنا نظن هذا فى الرئيس السابق حسنى مبارك ، إلا أنه عندما ولى ، إتضح أَنَّه كان عبقرياً إذا ما قُورِنَ بمن حكموا وكان ألامر بيدِهِم من بَعدِه . فقد باتت البلاد فى حالة من الفوضى لم تشهدها مصر منذ حُكمِ المماليك ، فالشارع لا يهدأ ، والقوى متناحرةٌ ، وألامن غائبٌ ، والقرارات متضاربة ، بل وَجَدَّ على الساحةِ الرجوعُ فى القرارات ، حتى باتت القرارات الرئاسية التى لم يتم الرجوع فيها ، لا تنفذ من تلقاء نفسها . ثم انسحب الرجوع فى القراراتِ على ألأتباع ، أو المسئولين قدوةً بقياداتهم .
وبعد هذا كله نجد ألادارةِ - ألتى لم تتخذ قرارا واحدا على مدى حُكمِها يَقَعُ فى مصلحة الناس ، أو يخففُ من معاناتهم ، أو يحسنُ من أحوالهم ولو لبعض الشيئ - تلوم على ألشعب وتُحمِّلُهُ مسئوليةَ ألفشل بدعوى عدم التعاون مع ألادارة ، وأصبحَ العاملون ، ألذين لا يجدون ألكفاية من مصروفِ بيوتهم ، هم المُعَوِّقون للتقدم إذا ما طالبوا بالإنصاف . كما تلوم ألادارة فُلولَ النظام ألسابق فى ألاعتصاماتِ سواءً كانت فئوية ، أو إعتراضا على وضع خلقته الادارة ، أو قانونا أصدرته ولم ترجع فيه بعد .
هذا كله فى الوقت الذى يتردى فيهِ إقتصادُ البلاد ، وتسحب الدول تأييدها لنا الدولة تلو ألاخرى .
فهل من بعض الجدية من ألإدارة لرفع المعاناة عن الناس ، وفى إختيار أصحاب الخبرة والقدرة بدلا من أصحاب الولاء . وترك الشعارات وتحميل الشعب مسئولية الفشل ، فإن الشعوبَ بطبيعتِها لا تُحَمّلُ مثل هذه المسئولية ، بل تُحَمِّلها للادارة . أما فيما يخص الفلول فهو قولٌ خَائِبٌ بِذاتِهِ ، وخَائِبٌ من قَالَهُ ، فإن الادارة إذا لم تكن قادرة على حِمايةِ نفسِها ، فكيف تَحمى شعبا كاملا . فوالذى بِيدهِ نَفسى مَا كَان فى إستطاعةِ الفلول ، أو أىِ عُصبَةٍ منظمةٍ ، لو أحسنوا التخطيط لإسقاط البلاد ، أن يَصلوا بِها الى هذهِ الهُوّة فى هذا الزمن القياسى .
                                                                             عبد السلام الشاذلى

No comments:

Post a Comment