Monday, January 13, 2014

الحُكومة المِصْرية الرشيدة

الحُكومة المِصْرية الرشيدة
          في صَباحِ يَومٍ جَميلٍ لِثَلاثَةِ أيامٍ خَلَتْ ، استيقظتُ مُبكرًا كَعادتي ، وفَتحتُ الجِهاز اللّعين المُسمي بِالتلفاز لِأقفُ علي أخبار الدنيا أثْنِاء مُطالعتي لِلصحفِ اليومية ، وسَبب وصفي لِلتلفاز بِاللعين أنّهُ مُنذ فَترةٍ لَيست بِالقصيرة لا يَأتينا بِأيِ أخبارٍ تُسعدنا ، وَكانت جَريدة الأهرام تَأتينا أيضًا بِالأخبارِ الكئبية ، إلا أنّها بَدأت مُنذُ أيامٍ بِإضفاءِ بَعض التفاؤل علي أخبَارها .
          فإذا بي أري بِرنامجًا تِلفزيوني يَستضيف السيد/ وزير الشباب المصري ، فَحزنْتُ أشَدّ الحُزن ، فَأنا لَم أكن أعرف أنّ لَدينا وَزيرًا لِلشبابِ عَلي الرغم مِن أننى أقرأُ يَوميًا صَحيفتين يَوميتين ، مِنها الأهرام ، مِن أولِ سَطرٍ حَتى آخرِ سَطرٍ ؛ فَانتكسَ رأسي مُفكرًا ، ولكن سُرعان مَا رَفَعْتُ رَأسي مُجددًا حِينما أَوْجَدَ عَقلي مُبررًا لِكوني لا أعلَم وزيرَ الشباب ، وهُو أنّه رُبما كَانت حَلقة قَديمة مُعادة ، فَأنتم تَعلمونَ كَيف أنّ العَقلَ البَشري دَائمًا مَا يُرَتِّبُ المُبررات لِصاحبهِ عِند الخَطأ . وتَنازعَتْنى خَواطِرَ عديدة ، تَغَلّبْتُ عَليها أخيرًا وَقررتُ أنْ أسألَ أحَد أصْدِقائي لَهُ نَوعٌ مِنَ القُربِ لِلحكومة فَسألتُهُ : ياأخي هل لَدينا وزيرًا للرياضةِ وآخرًا للشباب ؟ ، فَخَيّبَ آمالي فَورًا بِقولِهِ طَبعا ؛ فَتزاحَمت فِي رَأسي ألأسئلة ، وقلتُ لَهُ هَل تَعتَقد يَا أخي أنّ حَالَ الرياضَةِ في مِصر كَانَ يُمكن أنْ يَكونَ أسوَء مِمّا هُو فِيهِ لَو لَم يَكُن لَدينَا وَزيرًا للرياضة ؟ ، فَأخذَ يُفكِّرُ ثُم أجَابَ بِلا ، فَنَحنُ فِعلًا فِي القَاع ويَكفي القَول بِأنّ دولا مثل غانا وإيران وهندوراس وكوستاريكا ، وعَلي الرّغم مِن مَشاكِلِها العديدة ، التى هِى أعقَدُ بِكثير مِنْ مَشاكِلِنا ، قَدْ وَصلوا إلى نِهائياتِ كَأس العَالم التي لم تَصل  مِصر إليها ؛ فَإنْتَقَلْتُ إلي السؤال التالي حَيثُ سَألتُهُ مَا هِى وَظيفَة أو مُهمة وَزير الشباب ؟ فَأجابَني عَلي الفَور بِأنّه يُعد مسئولا عَنْ مَراكزِ الشّباب والسّاحَاتِ الشعبية والثقَافةِ الشبابية ؛ فَسألتُه إنْ كَانتْ تِلكَ المَراكزِ والساحات هِي نَفسها التي طَالعَتْنَا وَسائل الإعلام مِنْ أيامٍ بِأنّ بَعضُها يُستخدمُ كَجِراجاتٍ لِلخيلِ والحَمير ؟ فَأجابَني فَورًا بِنَعم ؛ فَأفحَمْتُهُ بِالسُؤالِ التالي حَيثُ سَألتُهُ وهَل تَعتقد يَا صَديقي بِأنّ حَال الشّباب فِي مِصر كَانَ يُمكن أنْ يَكونَ أسوءُ حَالًا لَو لَم يَكن عِندنا وَزيرًا لِلشباب ؟ فَأخَذَ يُفكرُ ثُم أجَابَني مَرةً أُخري بِلا ، فَشَرَدَ فِكري في بَاقي الوِزارات ، الصِّناعة والثقافة والتعليم والقُوي العاملة والصِّحة ، ولَكِنني تَوقَفْتُ فَجأةً حَيثُ قُلتُ لِنَفْسي أنّهُ لا رَيْبَ أنّ هؤلاء  الوُزَرَاء يَقومُونَ بِعملٍ أفْضَل مِنَ نُظرائِهِم في الشّباب والرياضة ، ويَقومُونَ بِعملٍ مُهم فِي وزاراتهم ، ولَكني لا أعْلَمُه لِجَهلي ، وأدرَكتُ أنّهُ يَجب أنْ أُثَقِفُ نَفسي أكثر مما أنَا عليه حَتي أعلمَ مَجهودِ الوُزراء الذي لا يُعلنُونَ عَنهُ في عَمَلِهم وأقفُ علي نَتائجِ أعمالِهم .
فَرجَعتُ إلي صَديقي وسألتُه كَم يَبلغ إجمالي مَا يتقاضاهُ الوزير مِن أموالٍ نَظيرَ عَمَلِه ؟ وهَل هُو يُقَدّرُ بِمئاتِ الألوفِ شهريًا ، أم بِالمَلايين ، أم بِكَمْ ؟ فَأجابني فَورًا ، كَما لَو كَانَ قَد أصَابَهُ مَسٌ ، بِأنّه لا يَعلم ؛ فإذا بي أُجيبه قَائلا أفَلَيْسَ مِنَ الأفْضَل والحَالُ هَكذا أنْ نُوفِّرَ مُرتبات الوُزراء ومُخصصاتِهم مِنَ السّيارات والسفريات والبدلات ، وأنْ نَكتَفي بِوكيلٍ لِلوزارة مِن السُّلمِ الوَظيفي ، صَاحِبُ العِيَال ، صَاحِبُ المُرتب المَحدُود ، طَالَما كَانَ قَرارُنَا أنّ وُجودَ الوزيرِ لا يُحسِّنُ أوضَاعَ الوزارة ، فَضلًا عَنْ أوضَاعِ البلاد ؛ وهُنَا وقَعَتْ الوَاقِعة ، فَسَكَتَ الحَديث ، وكَادَ يُغلِقُ خَطّ التلفون كَي لا أطلبَ مَزيدا مِنَ الإجاباتِ علي أسئِلةٍ أُخري .

لِذَا فَقد رَايتُ أنْ أكتبَ هَذا المَقال عَسي أنْ يَأتِيَني رَدٌ مِنَ القُّراء يُريحُ بَالي القَلِقْ .      

3 comments:

  1. علق صديق لى علي هذا المقال بما يلي " وكأنك تنكر عليتا أننا أول من أقام أول إدارة لم تعرفها أي من الدول المتقدمة أو المتخلفة أسميناها ( إدارة عموم الزير ) "
    ويسعدني أن أُضيف بأن " إدارة عموم الزير " هي قصة قصيرة قد يَظنُ قارئها بأنها إختراعٌ أوخيالٌ أدبي قام به أديب عظيم ؛ وعلي الرغم من أنّ كاتب القصة في رأيى هو كاتبٌ عظيم الخيال ، إلا أنه يجب أن أُقرر أنّ المؤلف الحقيقي للقصة هو صاحب الإدارة المصرية أو صاحبُ القرار فيها ، أمّا سرد كاتب القصة هو في تقديري سردٌ أدبيٌ جيد لِمؤلفٍ آخر قد توفاه الله ، إلا أنّ ورثته مازالوا على عهده يصدرون قرارات وفرامانات بإنشاء إدارات جديدة لا تفيد في شيء علي أرض الواقع سوي إستفادتهم بما يحصلون عليه من أجور.

    ReplyDelete
  2. عزيزى المهندس عبد السلام ..ولزومه إيه وزير وألا حتى وكيل الوزارة.. البلد ماشية بقالها 3 سنين من غير حكومة ولا وزراء ..والناس بتتصرف بينها وبين نعضهم ..هو فى حد شاعر إن فيه حكومة وألا رئيس وألا حتى عمدة للبلد دى ؟؟ ربنا يستر

    ReplyDelete
  3. يا عزيزي أنت تتجني علي الدكتور الببلاوي ، انت أكيد لم تري التصريح الذي صرح به في مؤتمر دافوس يوم الجمعة الماضي (راجع جريدة الأهرام) بأن رئيس الجمهورية لا يستطيع إقالة وزارته . أفلم يجد أي شخص ليتمنظر عليه إلا الرئيس الطيب المؤدب ؟ علي العموم الرئيس لم يمنحه شرف الرد علي هذا الحديث ، وكان الله في عون مصر طالما كان هذا هو حالما .

    ReplyDelete