الصحف الضد قومية
جَريدةُ الأهرام
أسسها سليم وبشارة تكلا عام 1875 ، حيث أصدرت عددها الأول عام 1876 ؛ ثم تأسست
بعدها جريدة الأخبار وباقى الصحف التى تسمى حاليا بالصحف القومية ، وقد حققت
الأهرام والصحف القومية إنجازاتٍ عديدة على مدى سنواتها المُمتدة ، كما حققت
أرباحًا لِأصحابها يعلمُ الله مقدارها ، ولكن فى حُكمِ رَجُلِ الشارع بدون علم
موثق ، وبالنظر إلى أسلوبِ حياتِ أصحابها ، فإنه يُقدرها بارباحٍ وفيرة ، وسددت
الضرائب والرسوم المقدرة عليها فى حينه .
وبعد حوالي 85
عامًا من نشأتها تم تأميمها لتصبح مؤسسة الأهرام المملوكة للدولة ، كما تم تأميم
باقى الصحف التى سميت بالصحف القومية ، واستمرت فى ءاداء رسالتها ما يزيد على خمسين
عامًا أخرى بعد التأميم .
وفى يوم 24 إبريل
الجارى قام رئيس الوزراء المصرى المهندس إبراهيم محلب بزيارة مؤسسة الأهرام حيث
استقبله رئيس مجلس إدارتها ؛ فأتضح لنا من خلال زيارته أن الصحف القومية أصبحت
مدينة بمبالغ ترقى إلى المليارات عبارة عن متأخرات للهيئة القومية للتأمينات
ولمصلحة الضرائب ، وهي الجرائد الأكثر إنتشارًا فى مصر ، وقد وعد رئيس الوزراء
بالتدخل لتقسيط المبالغ المتأخرة لهذه الجهات ، كما وعد بإعفائها من دفع أجرة نقل
الصحف بواسكة السكة الحديد .
وأنا لا أعلم إن
كانت الصحف الخاصة ، التي تغط بها إكشاك التوزيع ، تسدد تأمينات موظفيها وعمالها
وتسدد ضرائبها أم لا . كما لا أعلم إذا ما كانت هذه الصحف ، فى حالة عدم السداد ،
فإن رئيس الوزراء كان سيتدخل لتقسيط المتأخرات . ولكن ما أعلمه هو أن الأهرام والصحف
القومية الأخرى لو كانت جرائد خاصة ، ولم تقم بالسداد ، فإنها كانت ستواجه الإفلاس
لا محاله . كما أن ما أعلمه أيضاً أن العديد من قياداتها يُحاكَمون أو يُحقَّقَ
معهم في تُهمٍ تتعلق بالإثراء غير المشروع من جراء عملهم بالجريدة بمبالغ تَصلُ
أيضًا إلى مِليارات الجُنيهات ، حتى إن بعضهم أخلت النيابة سبيله مقابل كفالةٍ
تقدر بمليوني جنيه ، وهو ما يجعلنا نعتقد أنّ النيابة لديها من الأدلة ما يكفى
لتقديمها إلى المحكمة لإدانته .
ولكن السؤال المُهم
الذي يطرحُ نفسه الأن هو : أفلهذا الفساد تم تأميم جريدة الأهرام والجرائد الأخرى ؟
، أيمكن أنْ نُطلق عليها بهذا الوضع أنها الصحف القومية ؟ وإن كان هذا ، فماذا
يمكن أن يكون شكل أداء الصحف ضد القومية ؟ ، أفلم يكن من الأجدى تركها لأصحابها
فيسددوا التأمينات والضرائب بما يحقق إيراداتٍ للدولة ، بدلًا من نزيف الخسائر
الذى يدفعه الشعب حاليا . ويبقى سؤالٌ أخير : ما هو سبب التأميم بما ذكرناه من
ظروف ، فيجيب بَعض الناس : حتى تتحدث الجريدة باسم الحكومة وتشرح للمواطنين أحوال
الحكومة دون تدليس ، أو أنْ تُسَبِّبَ للشعب قرارات الحكومة ؛ ولكن هذا دورٌ
تستطيع الصحف الخاصة أيضًا أن تقومَ به ، وقد يسعد بعضها بأدائه .
ويجدر فى هذا
الشأن مُراجعة ما قام به هتلر بواسطة بول جوزيف جوبلز في ألمانيا بما أسموه آن ذاك
سلاح البروباجاندا ، وكانت وظيفته تعبئة الناس لتأييدِ الحكام فى تصرفاتهم الشاذه ،
أو التمهيدِ لها أو تجميلِها . وبالنظر إلى كتابات جريدة الأهرام والصحف القومية
الأخرى ، وأنا قارئ جيد للأهرام منذ سنوات طويلة ، فنجد أنها لا تقوم بهذا العمل ،
على الأقل حاليًا . فقد يكون إذا من المناسب إعادتها لأصحابها حتى وإن كان ذلك بلا
مقابل درءًا للضرر ، فإننا فى هذه الحالة سنوقف على الأقل نزيف الخسائر والفساد ؛
ثم نبدأ فى تحقيق إيراداتٍ جديدة للضرائب ، وسدادٍ لتأميناتٍ هىَ أصلًا مِلكٌ لأصحابها
من العمال والموظفين ؛ ونُطَهِّرُ الشعب ، الذى هو صاحب الجريدة ، من ذنبِ أكلِ
أموالَ بَعضِهِ .
وهل لنا ، إنْ لم
يتم السيطرة على هذا الأمر على وجه السرعة ، أنْ نَقول بإننا نحتفظ بالجريدةِ حتى
تستخدمها الإدارة الجيدة أبواقًا للبروباجاندا ؟.
إننا مقبلون على
فترةٍ جديدةٍ فى حياةِ مصر من الديمقراطية ، ولا مَكانَ عندها للبروباجاندا أو
التملق ، إنما الأفعال الطيبة ورعاية الإقتصاد ، هى التى سَتُحْسَبُ لِلإدارةِ
الجديدة أو سَتُحسَبُ عليها .
فهل من يتدخل على
وجهِ السرعة لينقذها من بؤسها ، حتى تسمى جميعا مع الصحف الخاصة بالصحف القومية ، بدلا
من أن تكون ضد قومية .