ملاحظات على الاعلان الدستورى 2013
مادة (1)
إن النص على أن " مبادئ الشريعة الأسلامية هى
المصدر الرئيسى للتشريع "هو نصٌ أوردتهُ الدساتير السابقة ، لكن
الممارسة الواقعية فى المدة السابقة أظهرت أنه نصٌ لم يُفيد المشرع فى شئ ، وأيضا
لم يمنعه عن شئ . فمثلا عندما أُقر القانون التجارى والمدنى نجد أنه إحتسب فوائد على
أصل الدين المحكوم به ، كما أن القانون رقم 5 لسنة 2005 فى المادة 22 مكرر قد ألزم
الحكومةَ نفسها بأن تؤدى تعويضا يعادل تكلفة التمويل وفقا لسعر الإئتمان والخصم المُعلن
من البنك المركزى حال تأخر الحكومة فى السداد . ومع إختلاف الصياغة فى القانون
الأخير عن القانون التجارى والمدنى ، إلا أن المُشَرِّع فى كل من الحالتين لم يأخذ
أى خطوات رسمية للتحرى عن مدى مطابقة القانون لمبادئ الشريعة قبل إصداره ، حيث أضحى
النص الدستورى وكأن لم يكن .
ولكن نص الإعلان الدستورى أضاف إلى هذا النص "
مشتملات مبادئ الشريعة " وحددها فى الأتى :
1- الأدلة الكلية للشريعة
2- القواعد الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب
أهل السنة والجماعة
وهو نفس نص المادة 119 من دستور 2012 المعطل .
وقد نُلاحظ أن النص الأخير قد أضفى تعقيداتٍ جديدة للنص
الدستورى الوارد فى دستور 71 السابق ، وهو الذى كان قد أضفى بدوره تعقيداتٍ على
الدساتير السابقة له فى نفس الموضوع والتى لم تحتوى على أن الشريعة هى
المصدر ، ولحسن الحظ تم تجاوز هذه العقبات منذ 71 حتى اصدار الدستور الأخير
، ولكن التعقيدات التى أضفتها هذه النصوص فى دستور 2012 وأيضاً هذا الاعلان
الدستورى ، لا يعلم أحد مدى تأثيرها على سرعة إنجاز الهيئة التشريعية لعملها فى سَنِّ
القوانين بعد أن أشرك معهم جهات دينية ، قد تكون أحيانا جهات متعددة ، وهى اصلا
غير متفقه فى آراءها فيما بينها ، ولم تتفق عبر أربعة عشر قرنا من الإسلام ، وقد
يشهد على ذلك التعقيدات التى واجهت ألقانون الذى أطلقوا عليه إسم الصكوك الإسلامية
تلك التى أعاقت إصداره .
وقد يكون من المفيد أن نراجعَ ما أُصدِرَ من القوانين فى
ظل الدساتير السابقة اعتبارا من دستور 23 حتى 2012 فسنلاحظ أنها على أغلب الظن لم
تحتوى على ما يخالف الشريعة رغم طول الفترة الزمنية وإختلاف الحكام ، وإن وجد ما
يخالف فإنه يمكن تصحيحه بالمجلس التشريعى بلا أى حاجة للنص الستورى .
ولكن قد يكون من المفيد أيضا أن نتناول السؤال الآتى
بالاجابة : ما هو الهدف من اضافة هذه النصوص الى الدساتير؟ ؛ فإن اى نص دستورى فى
هذا السياق يجب ان يكون له هدف يَغُلَّ به يد المشرع عن شئٍ ما . فما هو هذا الذى
يريد النص أن يغل يد المشرع عنه ؟ وهل المقصود من ذلك هو المشرع الحالى أم
المستقبلى ؟
بالقطع ليس المقصود هو المشرع الحالى ، فإن من أتى بالنص
فى الدستور هو نفسه من بِيدهِ سُلطة التشريع ، فله ان يَسُنَّ مايراه من قوانين .
إذاً تكون الإجابة هى السيطرة على هيئةٍ تشريعيةٍ قادمة ، وأن تُغَلَّ يدها عن
خدمةِ المجتمع الذى تمثله بما تراه فى صَالِحِهِ . وأن يدخلها فى هذه الحالة فى
حوارات مجتمعية قد لا تنتهى ، وهى بين جِهاتٍ مختلفة ، وهو ما قد يُمَثِّلُ مصادرةً
على رأى جيلٍ قادم .
أفلا يكفى أن يَصدُرَ القانون بأغلبيةِ الهيئةِ
التشريعية ، ولهم فى هذا السبيل ان يَتَحروا النواحى الشرعية المرتبطةِ بالقانون مَحل
النظر حتى نُسرِّعَ من سَيْرِ المجتمع . أفلا يسعنا ان نترك للجيل القادم أن يُقررَ
لِنفسه عند توليه المسئوليةَ كما نقرر نحن لانفسنا حالياً . وهل إذا صادرنا على
رأيهم فهل سيطيعوننا أم يقولون أننا أخطأنا ولسنا بِسَلفٍ صالح .
المادة (7)
أقرت حرية العقيدة ، بينما حددت ممارسة
الشعائر الدينية لأصحاب الشرائع السماوية على سبيل الحصر ، وهو قد يفسر على انها للأديان
الثلاثة ، فتكون فى هذه الحالة المادة مُتَعارِضة النص بين أطلاق حرية العقيدة وتقييد
حرية الممارسة ، فضلا عن مخالفتها فى هذه الحالة لنص المادة الأولى من أن الدولة
تقوم على أساس المواطنة.
المادة (8)
تتحدث عن " جواز فرض رقابة على الصحف ووسائل
الإعلام فى حالة إعلان حالة الطوارئ " .
وتجدر الإشارة إلى أن إعلان حالة الطوارئ هو أمرٌ يَصِمُ
ألإعلان الدستورى بالعوار ، فى حين أنه لم يَثْبُت على أرض الواقع بالممارسة
العملية أن حقق النص أى فَائدةٍ من جراء وجوده ، فمن خلال الممارسة السابقة لم تتمكن
الإدارة فى ظل دستور 2012 من أن تفرض أصلا حالة الطوارئ فضلا عن فرض الرقابة على
الإعلام . ولا يوجد دليل على أن تغيير أفراد الحكم قد يُغيرُ من تفاعل الشارع مع
المواقف السياسية على الأرض .
المادة (9)
وأوردت المادة فيما نصت عليه بأنه " لا يحوز
فرض اى عمل جَبراً إلا بمقتضى قانون ".
فما معنى فرض العمل جبرا بعد ان إنقضى زمن العبودية .
وما علاقة هذه المادة بالدستور أو الإعلان . خاصة وان القانون قد ألغى الأشغال
الشاقة من أحكامه .
المادة (11)
وهى مادة تتحدث عن " حرمة الملكية العامة ،
وصيانة الملكية الخاصة " ، وكان يحب إستخدام نفس التعبير للملكيتين
للمساواة بينها .
كما توجد فقرة اخيره تتحدث عن حرية الرأى بانها مكفولة
لكل إنسان وهو ما كان يجب ضمه للمادة (7)
المادة (12)
تحدثت المادة عن " الإعتداء على الحرية
الشخصية وحرمة الحياة الخاصة وسائر الحقوق ، وعدم سقوط الدعوى الجنائية والمدنية
فى هذا الشأن بالتقادم " ، ثم اتبعت ذلك بأن الدولة تكفل تعويضا
عادلا لمن وقع عليه الاعتداء.
وكان الاجدر ان يترك شأن التعويض للقانون كما كان الأجدر
ان تضم الى المادة الخامسة لوحدة الموضوع .
المادة (15)
تتحدث عن سيادة القانون وحق التقاضى ألمصون للكافة ، ثم
استرسلت الى انه " لكل مواطن حق الإلتجاء الى قاضيه الطبيعى "
.
وهذا النص أصلا مستورد من دستور 71 . وكان الأجدر أن
يكون النص مُقيداً للحكومة ، يُلزمها بأن تُقدم كل مواطن إلى قاضيىه الطبيعى وليس
العكس ، فيكون النص السائغ " لايحاكم المواطن إلا أمام قاضيه الطبيعى "
، فإن المواطن حال رفعه لدعوى لا يسعه إختيار قاضيه ، فهو عملٌ تولاه القانون .
وينتج عن تعديل الصياغة أن لا تتمكن السُلطة التنفيذية من تقديمِ متهم الى قاضٍ بِعينه
، بل أن تقدمه إلى قاضيه الطبيعى ، وهو حقٌ أصيلٌ لِلمواطن .
المادة (16)
نصت على ان " القضاه غير قابلين للعزل "
. وكان الأجدر هو ألحدُ من سُلطةِ السُلطَةُ التنفيذية فى عزل القضاه لضمان إستقلالهم
، أما إصدار النص بهذا التعميم فهو غير مناسب ، خاصة وان الله لم يعصم الإنسان من
الخطأ .
وقد منح النص أيضا هيئة قضايا الدولة الضمانات المقررة
للقضاه وهو امر غير مرغوب فيه .
المادة (17)
تتحدث عن اختصاصات مجلس الدولة ، " بالفصل فى
المنازعاتِ الإدارية وفى الدعاوى التأديبية "، ثم اتبعت ذلك "
بان القانون يحدد الإختصاصات ألاخرى" . وهو مايفرغ الإختصاصات
المذكورة من لزوم تحديدها فى المادةِ الدستورية . فانه كان يجدر إقرار كل الإختصاصات
أو إحالتها جميعا للقانون .
المادة (18)
ألمادة خاصة بالمحكمة الدستورية العليا وجاء بالفقره الأخيره
" ويعين القانون الإختصاصات الأُخرى للمحكمة وينظم الاجراءات التى تتبع
امامها "
والرأى السائد هو ان ينظم القانون الإجراءات فقط اما الإختصاصات
فيحددها الدستور .
المادة (19)
وهى خاصة بالقضاء العسكرى . تذهب المادة الى النص "
... يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحه وضباطها
"
والنص على الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة نص متسع ،
يمكن أن يشمل بعض المدنيين أحيانا ، وكان من ألَجدير أن يُحدَّدَ إختصاص المحاكم
العسكرية فى الجرائم التى تقع من أفراد القوات المسلحه . وذلك إحتذاءاً بما نص
عليه مشروع دستور 54 حيث نص على " ولا يكون لهذه
المجالس اختصاصها إلا في الجرائم العسكرية التي تقع من أفراد القوات المسلحة
".
وهو امر منطقى ومتبع حتى فى مصر حيث يحاكم الجواسيس امام
المحاكم المدنية .
المادة (23)
نصت على ان رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة
التنفيذية ثم ذهبت المادة الى تكليفه بان " يراعى الحدود بين السلطات ".
وهو امر غير سائغ حيث انه رئيس السلطة التنفيذية .
المادة (24)
المادة اختصت بتحديد اختصاصات رئيس الجمهورية. وحددت فى
الفقرة الاولى أن له " التشريع بعد اخذ رأى مجلس الوزراء "
بينما نص فى الفقرة الثالثة انه "يبرم المعاهدات والاتفاقات الدولية بعد
موافقة مجلس الوزراء " ، ووصف المعاهدات بأن لها قوة القانون . والأجدر
ألمساواه بين التشريع أى اصدار قانون وبين الإتفاقيات التى أُسْبِغَ عليها قوة
القانون .
أما ألفقرة ألسابعة والتى تخص ألعفو عن ألعقوبات فإن هذه
الفقره أُسيئَ إستخدامها سابقا ، وهى غير لازمة فى خلال فترة انتقالية.
المادة (25)
وتتحدث عن إختصاصات مجلس الوزراء حيث ذهب فى الفقره
السابعه الى انه عقد الإختصاص للمجلس " بعقد القروض ومنحها وفقا لِأحكام
الدستور " وكان قد اوقف العمل بالدستور فَعَطَّلَهُ قبل إصدار الإعلان
الدستورى .
المادة (27)
وتختص باعلان حالة الطوارئ
أفلم يحصل الشعب المصرى بعد ثَوراتٍ عديدةٍ على الحق فى
العيش فى ظل القانون بعيدا عن حالة الطوارئ والإعتقالات .
المادة (28)
وهى اختصت بتشكيل لجنة خبراء تختص باقتراح تعديلات على
دستور 2012 المعطل .
وقد يلاحظ الباحث فى دستور 2012 انه يحتوى على العديد من
الأخطاء أو العيوب الدستورية علاوة على عيوب المنهج الفكرى والأيديولوجى وهو الأمر
الذى معه يكون الرأى السديد ، إن كان لابد
من تعديلِ دُستورٍ فليعدل دُستور 1971 فهو دستورٌ تم صياغَته صياغةً جيدة ومواده
عموما لا تحمل شُبهة عدم الدستورية على الأقل فى شأن الإنتخابات النيابية التى
حيرت الرئيس السابق .
المادة (30)
وهى تقضى بأن " يَعرض رئيسُ الجمهورية مَشروع
تعديلات الدستور على الشعب لإستفتائِهِ عليه خِلال ثَلاثين يوما " .
ونحن نأمل فى أن يكون مَوعِد الثلاثين يوما هُو موعِدُ
الدعوه للاستفتاء وليس موعدا ليوم الاستفتاء ، فإنه بنظره عامه للمشهد السياسى
فنجد ان الأُمية فى مصر تصل الى مايزيد عن 45% ولا يمكنهم تكوين رأى بالقبول او
الرفض للدستور فى مدة الثلاثين يوما لانهم يحتاجون أن يُكَوِّنَ المثقفون والإعلام
رأىٌ فى الدستور أولا ثم أن يشرحوا لهم الأمر ، ويشرحوا لهم كيف ستؤثر النصوص على
حياتهم اليومية وهو مايهمهم بالدرجة الاولى .
المادة (31)
ونصت على أن تُنشر القوانين فى الجريدةِ الرسمية خِلالَ
اسبوعٍ من صدورها ونحن لا نفهم لما هذا الأجل وما عيب النص فى الدساتير السابقة .
لدى كاتب هذا المقال عدة نقاط وجيهة والاعتقاد السائد هو ان المشاركة الوطنية للشعب فى صياغة الأطار المرجعى للدستور المعدل ستمتد لعدة شهور كما افاد السيد مستشار رئيس الجمهورية للشئون السياسية فى مؤتمره الصحفى الرائع الذى شرح فيه الرؤى الواعية للحكومة ولذ ادعو السيد الكاتب الى تقديم تلك الآراء لللجنة المذكورة لأدماجها ضمن التعديلات الجديدة. من ناحية اخرى نظرا لركاكة وضحالة دستور 2-12 اعتقد انه سيتم اعادة صياغة المبادئ وكذلك المواد الدستورية بالكامل. شكرا لهذا العمل المتمييز.
ReplyDeleteأمير واصف
اولا اود ان اشكر لكم اهتمامكم بالتعليق على الموضوع ولكننى اود ان اطرح سؤالا مهما يجب ان يناقشه اولا الشعب المصرى وهذا السؤال هو :هل مصلحة مصر فى ان تمضى الى فترة انتقاليةتسعة اشهر مع ما تحمله الفترة من تاخر الاقتصاد وزيادة الفوضى وهو ما يشكل طوق نجاة للاخوان ليقنعوا الاقل حظا من التعليم بفشل الادارة، ام تنتقل الى انتخاب رئيس شرعى اولا بما يحمل من ميزات الشرعية الدولية والقضاء على الفوضى والانقسام فى الشارع؟
ReplyDelete