تعليق على مسودة التعديلات الدستورية
التى نشرتها لجنة العشرة
إنّ
أصعبَ الأُمورِ فى صياغةِ الدّساتير هو أنه وثيقةٌ فى خُطوتِها الأولى يَمنحُ بها الشعب
لِلحكومة سلطةٌ عليه لِتَفرِضَ بها عَليهِ النِّظام وتَحفَظَ الأمن وتطورَ من حَياتِهِ
، إلا أنه فى الخُطوةِ التَّالية يَسحبُ الشعب من الحكومةِ ما يُمَكِّنُها من إستخدام
هذهِ السلطة فى قَهرِ الشّعب . وهذا تَوازناً حساساً يَجب التعامل معه بمنتهى
الحذر ؛ فإنّه كُلما نَزَعَ الشعبُ من سُلطةِ
الحكومة ، كلما قَيَّدَ يَدها ولم يُمكنها من خِدْمَةِ مصالح الشعب ، وأيضا كُلما
أَفْرَطَ فى مَنْحِها السُلطة ، كلما مَكّنها من التَسَلِّط على الشعب . لذا فإن
الدساتيرَ الناجحة هى تِلك التى يَتناقش فيها المُثقفون لإيجاد هذا التوازن الذى
يتسق مع الأعراف السائدة فى المجتمع ؛ ولا يضير الدستور أن يترك بعض الحريات لبعض
الأعراف التى يتفق عليها سكان منطقة محددة ، أو عرقية محددة ، أو عقيدة محددة ؛
فكلما إتسع الدستور للخلافات الفكرية فى المجتمع كلما إلتف المجتمع حوله . لهذا
السبب إعتبر الدستور شأناً سياسياً يُصاغ بِواسطة القانونيون وليس العكس .
كما
يجب أن يقف من يتم إختياره من أهل السياسة لعمل الدستور ، موقفاً محايداً لا ينحاز
إلى رغبات جماعته على حساب الجماعات الأخرى ، فإن الدستور فى هذه الحالة لن يعمر
ولن يفيد جماعته أو من سواهم فإن قوة الدستور تقع فى أن يعمل الشعب من تلقاءِ نَفسهِ
على الحِفاظ عليه .
وقد
سقطت دساتيرَ عديدةٍ فى مصر بسببِ إنحيازِ محرريها لفكرٍ أو لإتجاهٍ معين ، وهو
أمر واضح فى التجربة المصرية وضوح شمس الظهيرة .
وأتناولُ هنا التّعليق على التعديلاتِ التى رَشحتها
لِجنة العشرة لِتعديلِ الدستور ، وقد كنت قد بينت سابقا مَيْزَاتِ عمل دُستورٍ
جديد ، فإننى أودُ أن أبين بعض النقاط العامة
التى يلزم أن نأخذ بها فى شأن التعديلات :
1- إنّ النص على مناصبَ معينة غيرَ قابلة لعزل
شاغلها هو أمرٌ مُقيدٌ لِتَقدمِ الأمة ، فكيفَ إذا إنتُخِبَ رئيساً والمفترض أنّه
تَقدمَ بِبرنامجٍ إنْتُخِبَ على أساسه وحَازَ على ثِقة الناس ، ثُم تُلزِمُه
بمجموعةٍ من الموظفين ، ثم تُحاسِبهُ على عدم إنجازِ ما وَعَدَ بِهِ الأمة من تَقَدمٍ
. إن الخَوفَ من إساءةِ إستخدامِ حقِ التعيين والإقالة لا يُبَرِّرُ مساوئَ نَزْعِ
هذه السلطة ، والأفضل هو مَنحُ الرئيس سلطة تَعيينِ مُعاونيه وإقالتهم بشرط موافقةِ
الهيئة التشريعية فى كلا الحالَتَيْنِ تَرشيداً لإستخدامِ هذه السُلطة . وقد أخذت
العديدُ من الدول بهذا الأمر ، وقد تكون الولايات المتحدة هى أول من إتبع هذا ، حيث
يراجع مجلس الشيوخ هذا الأمر . وقد أورَدتْ التعديلات فى موادها لِمناصبَ عديدةٍ
أن شاغليها غير قابلين للعزل ، وأن النص ذاته هو مَدعاةٌ لفسادِ بعض شاغلى تلك
الوظائف .
2- أنه كلما قل عدد مواد الدستور أو الموضوعات
التى يتعامل معها كلما كان الدستور ناجحاً . فكما علمنا الله فى كتابه بأن ترك العديد
من الأمور دون تحديد أسلوب القيام بها ، قبولا منه عز وجل على أن نختلف بعض الشأن
فيها ، وهو الذى لم يعجزه عز وجل أن يحدد المواريث على إتساعها فى آياتٍ معدوداتٍ
لم تتجاوز بضعةَ أسطر . فإن للدستور أن يُحددَ وينشأ السلطات وأنْ يُقيم التّوازنَ
بينها وأنْ يَرسم طريقا لِرقابةِ بَعضُها البعض إلّا أنّهُ يَجب أن يَدَعَ الباقى
لينظمه القانون بواسطةِ الهيئةِ التشريعية . لذا فقد يكون الأفضل إزالة المواد
الإنشائية من الدستور تلك التى ليسَ لها أحكاماً محددة .
3- مَواد الحريات لَمْ تُعْلى حَقيقة معنى الحُرية ، وذهبت إلى الإلتفاف حول النصوص لنزع بعض
الحريات مثل المادة (12) و (13) التى أجازت إجبار المواطن على عملٍ معين مقابلَ
أجراً وهو ما يتعارض مفهوم الحرية . والمادة (43) والتى أجَازت فى بعضِ الحالات دُخول
المنازل ، وأيضا لم تتضمن المادة أن يشمل قرارَ التفتيشِ ضِمن نُصوصِه على ذِكر الشىء
المراد ضَبطه تحديدا . والمادة (47) تلك التى حفظت حرية الإعتقاد ، بينما حددت
تيسير حرية ممارسة الشعائر وإقامَة دور العبادة على الأديان السماوية فقط . والمادة (51) بشأن حرية الصحافة ، إلا أنها أضافت
فى إطار المقومات الأساسية ... إلى أخر النص وهو ما أفرغ المادة من
مضمون الحرية . والمادة (63) الخاصة بالتجنيد الإجبارى ، فَإنه يلزم تَحديد الهدف
من التجديد بحيث لايكون فيما هو سوى تَعليم المُواطنين الدفاع عن الوطن . أما المادة
(129) والخاصة بإعلان حالة الطوارئ ، فقد يبدو أن قَدَرَ مِصر أن تعيش طول حياتها
فى حَالة طوارئ ، فى حين أن القانون العادى فيه الكفاية لإستقرارِ الأمن . وأيضاً
المادة (40) التى أجازت أن يحبس المواطن فى مكان وصفته بأنه مكان لائق إنسانياً
وصحياً ، بينما كان يجب أن تنص ايضا على أنه يحبس فى الأماكن المعدة
مسبقاً للحبس وهى السجون . وهو نص متعارف عليه فى الدساتير السابقة . أما ما ذهبت إليه
المادة (34) فى جواز التأميم بقانون مقابل تعويض ، وهو إعتداء صارخ
على حق المواطن ليس له مثيل فى الدساتير المصرية أو العالمية ، وكان دستور 2012 قد
إستخدمه إعتداء على الحريات . وأيضاً تحدث الدستور عن أنواع الملكيات فى المواد من
(28) حتى (31) ، إلا أن النص لم يساوى بين الملكيات ، حيث خص الملكية العامة بالحرمة
بينما إستخدم كلمات أخرى أقل شأنا لباقى الملكيات ، وكان يجدر المساواة بينها
بإعتبار أنّ أموالَ الناسِ حرامٌ كما عَلمنا الرسولُ الكريم . أما المادة (158) و
(173) والتى نصت على إدراج ميزانيات الهيئات القضائية والقوات المسلحة رقماً واحداً
فى ميزانيةِ الدولة دون تَفاصيل ، وتحديد جهات بعينها لمناقشةِ تلك الميزانيات ، هو
أمر يتعارض مع المنطق وحق الشعب الذى أصلا صَاحبُ الأموال التى تصرف لِهذه الجهات ،
فإذا كانت الدعوى بأن القوات المسلحه ميزانياتها تشمل أسرارا تخص التسليح ، فإن
الرد على هذا بأن الدول جميعها تعلم على وجه التحديد ما لدينا من أسلحة ، وهى منشورة
على المواقع المعلوماتية المختلفة ، فلماذا يُبْقَى الموضوع سراً على صاحب الشأن
أو صاحب المال وهو الشعب . أما موضوع الهيئات القضائية فأننى لا أستطيع أن أعلم ماذا
يريدون إخفائه عن الشعب فى هذه الميزانيات . أما المادة (174) والتى أجازت مُحاكمة
المدنى أمام المحاكم العسكرية على سبيل الإستثناء فى الجرائم التى تُمثل إعتداءً
مباشراً على الجيش ، وهو نص معيب لاوجود له فى الدساتير السابقة ولا مثيل له فى
دساتير العالم المتحضر ، وأيضاً فإنه فى مصر فى ظل الرئاسات السابقة فإنه كان يتم
محاكمة الجواسيس أمام المحاكم المدنية على الرغم من إرتباط الجاسوسية بالأسرار
العسكرية ، ويعتبر النص إنتقاصاً من حريات المواطنين . أما المادة (189) والتى
أفادت عدم جواز تعديل المواد المتعلقة بمبادئ الحرية والمساواة ثم إتبعها بجملة مالم
يكن التعديل متعلقاً بمزيد من الضمانات ، وإذا كان هذا النص لازما
فلتستبدل كلمة مزيد من الضمانات بكلمة مزيد من الحريات حتى يكون
المعنى محدداً .
4- إتجاه الدستور إلى إرضاء فئات مختلفة من
المجتمع بأن يُحدِّدَ لهم
نِسباً أو وظائف محددة هو أمر سيئ وثبت عدم جدواه للمجتمع ، ومثل ذلك فيما جاء
بالمادة (36) والتى عَمَّمت إشتراك العمالِ فى إدارةِ وأرباحِ الشركات وهى مادة مَثَلُها
كمثلِ نسبة ال 50% عمال وفلاحين فى المجالس النيابية ، فإن العضوية يجب أن تُبْنَى
على كَفاءةِ صَاحِبِها فى إدارةِ العمل وليسَ على إنتمائِهِ لِفئةٍ معينة .
فالعضوية أو المنصب لاتُعَدُ مُكافئة لفرد أو للدفاع عن فئةٍ معينة ، فإن هذا
الأمر أولى به النِقابات أو المحاكم ، أما مجال العضوية فيجب أن يَكونَ مِعْيَارُهُ
الكفاءة . وأيضاً ذهبت المادة (78) إلى التوجيهِ بِحفظِ وظيفةِ المُرشح للبرلمان
فيما يشبه المكافئة للمرشح والنائب وهو مايخالف تكافئ الفرص المنصوصِ عليه فى
الدستور ، وذلك بالإضافة إلى أن مَنْح القانون الحق فى بعض الإستثناءات لِقاعدةِ
تفرغ عُضو البرلمان وهو ما أفرغ المادة من معناها ، وذلك بأن عَهِدَ إلى البرلمان -
وهُو صَاحب حَقِّ إصدارِ القانون - فى أن يَستثنى أَعْضَاؤُهُ من بعض الأحكام ،
وهو خطأ دستورى لا لزوم له . أما المادة (153) وقد حددت السِّن القانونى للترشح
للمجالس المحلية بواحد وعشرون عاما فيما يبدو إرضاءً للشباب ، وهو سن حديث جداً
لمنصبٍ فى غايةِ الأهمية لإدارة شُئون المحليات المَليئَةِ أصلا بالمشاكل .
5- كثرة الإستثناءات فى الدستور تعيبه وقد ورد ذكر بعضها فى النقاط السابقة إلا
أنه من الأفضل أن تَتَحَدّدَ المواد المطلوبِ فيها إستثناءات وأن نرفعها من
الدستور ونترك شأنها للقانون والهيئة التشريعية .
6- رقابةُ السلطاتِ لبعضِها مُحددٌ فى الدستورِ بطريقةٍ
صُورية . ولتفعيلِ الرقابة يَلزم نَقل تَبَعِيّةِ
الأجهزةِ الرقابيةِ للبرلمان ، وأنْ يَكونَ للبرلمانِ تَدخلاً فى تَعيينِ مَناصِبِها
ألعُليا ، وأنْ تُقَّدمَ تَقاريرِها للبرلمان وأنْ يُحيلَ البرلمانُ المخلفاتِ إلى
السلطةِ التنفيذيةِ للردِّ عليها . ويعتبر من أهم الجهات الرقابية الجهاز المركزى
للمحاسبات مادة (100) والبنك المركزى ومجلس حقوق الإنسان ومجلس حقوق المرأة . كما
وأنه من أهم الأمور فى الدستور أن تعدل المادة (120) بحيث تنص على أنَّ تعديلات
الدستور عُموماً فيما يَخُص السلطة التنفيذية - خاصةً مَا كانَ لَهُ صفة مالية - لا
تسرى إلا بَعد أن يتسلم السلطةُ رئيساً جديداً . وأنَّ التعديلات التى تخص نفس
الشأن لِأعضاءِ البرلمان لا تسرى إلا بعد الإنتخابات التالية حتى لايُسمح لِأحد بِأن
يُشرِّعَ لِنَفْسِهِ . أما ما جاء بالمواد (116) و (138) فأنه يلزم النص أيضاً على
أنه لا يُسمَحُ بِتَرشحِ من كان أَبْنَاؤُه أيضاً لهم جِنسياتٍ أخرى إلى جِانبِ
الجنسيةِ المصرية ، وذلك إسوة بالأباء وهم أصلا أكثر خطراً ، كما تَجدر إزالة شروط
أَعدادَ المؤيدينَ لِتَرشّح الرئيس ، فلم يثبت جدواها .
من خلالِ مُناقشاتِ لجنة التعديل تَبينَ لنا
أن هناك أمرٌ شأنُهُ شأن الغائب الحاضر ، وهو موقف مجلس الشورى من إلغاؤه إلى زِيادةِ
صلاحياته . وهذا فى الواقع أمرٌ فى غايةِ الأهمية . وقد يكون من المفيد أن نبين أنّ
الدولَ المتقدمة جَميعُها تَتَبنى نِظام المجلسين التشريعيين ، ونذكر منها أمريكا
ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ ألمانيا ـ روسيا ـ أستراليا ـ إيطاليا ومعظم دول أوربا . وقد
بينت أحداثُ ألأعوام السابقة فى مصر مدى الحاجة إلى وجودِ المجلسين فأنّهُ عند نَجاح
الدكتور مرسى فى الإنتخابات الرئاسية ، وكان قد نجح بأغلبيةٍ متواضعة ، وقد بدأ فى
الحكمِ بإصدارِ مجموعةٍ من القوانين لم يتمكن من تطبيقها لإعتراضِ المثقفينَ عليها
، على الرغم من أنّهم أقلية . ثم ذهب إلى إقرارِ دستورٍ فى أيامٍ معدودة ، وأيضا لم
يُوافق عليهِ المُثقفون ، ولجأ الرئيسُ إلى الشعبِ للإستفتاء فأتت النتيجة نجاح الدستور
بإكتساحٍ بما يقرب من 65% ، وتولى المُثقفونَ من جديد معارضة الدستور فلم يتمكن
الرئيس من الإستفادة من دستوره ، حتى وصلت البلاد إلى حَالةٍ مِنَ الجُمود أو
التوقف . من هذا يتضح أنّ قُوة الأقلية المُثقفة فى الوطن تُعادل أو تَعلو على
الأغلبِيةِ الإنتخابية . من هنا لَزِمَ جمعُ المُثقفينَ فى مَجلسٍ حتى لا تُعَجَّزَ
الدولةُ أو تصل إلى حالةٍ من الجمود . وقد توصلت الدُوَلُ إلى هذه النتيجة منذ زمن
بَعيد ولم يَتبنّى نظرية المجلس الواحد سِوى الدول السُلطوية ، فقد كانت جميعُ الدول
الشيوعية تتبنى نظام المجلس الواحد وما لَبِثَتْ الدول التى إنفرطت مِنَ الشيوعية
، وأولُها روسيا إلى إقرار مبدأ المجلسين . وإن هذا الإختيار يفيد فى إعلاءِ
الرقابة فى الدولة ، وخلق توازنٍ أكبر بين السلطات خاصة مع إختلاف نوعية وثقافة
الأعضاء من مجلس النواب إلى مجلسِ الشورى . وقد يفيد الوطن أيضاً أن يُؤسِسَ الدستورُ
لمجلسٍ ثالث للشباب دون سلطاتٍ تشريعيةٍ ، وهو قد يفيد فى تعليمِ الشباب لِأُسس
الحياة الديمقراطيةِ والنيابيةِ من خلال دراسة النصوص التشريعية التى يصدرها
البرلمان . إلا أنّه قَد يَكون من المفيد أن يُنصَّ على ضَرورةِ موافقة مجلس
الشباب على القوانين التى تُرَتِّب دُيوناً على ميزانية الدولة ، حيث أن الشباب هم
الذين سَيقومونَ بِسدادها مُستقبلاً .
7- يلزم رفع جميع المواد الإنشائية التى ليس لها
أحكام محددة من الدستور وتركها للهيئة التشريعية كما يلزم رفع بعض المواد المكررة المعنى مثل
المادة (68) و (39) وأيضاً إزالة أى تعارض بين المادة (190)والمادة (179) فى شأن السنوات
العشر . كما يلزم مراجعة المادة (99) وهى مادة أساسية فى الدستور وهى خاصة بإقرار
مجلس النواب لميزانية الدولة ، حيث يجب أن تبين المادة أن الشعب هو صاحب الميزانية
ويملثه فى هذا مجلس النواب الذى له الحق فى إقرار أو تعديل أو زيادة إعتماد أو سحب
إعتماد معين أثناء السنة المالية ، كما يجب مراجعة التلميح فى الفقرة الثالثة عن إعادة
التوازن بين المصروفات والإيرادات بحيث يكون واضحاً من المادة أن
الميزانية يجب ألا تشمل عجزا ، أو أن يسمح بإعتماد ميزانية بها بعض العجز . وقد
يكون الحل الأخير هو الأفضل فهو المبدأ الذى تأخذ به معظم الدول . كما يجب مراجعة
المادة (121) التى أطْلقت حُريةَ الرئيس فى إختيار رئيس الوزارة دون أن تحدد
إنتمائه الحزبى فى الفقرة الأولى منها ، ثم فى الفقرة الثانية كلفته بإختيار رئيس
وزراء من حزب الأغلبية إذا لم يحوز الأول على ثقة البرلمان . أما المادة (135) فإن
مدة المائة وعشرون يوماً لإختيار رئيس جديد حال عجز الرئيس هى مدةٌ طويلة ، وكانَ
دستور 2012 قد حددها فى تِسعون يَوماً وهى أيضاً مُدةٌ طويلة ، وكان دستور 1971 قد
حَددها فى سِتُّون يوماً وهى مدةٌ مناسبة . ولا يجب أن ننسى أنه عند إغتيال الرئيس
السادات فى السادس من أكتوبر وتولى الرئاسة الدكتور صوفى أبو طالب لفترة إنتقالية ،
فإن الرئيس حسنى مبارك تسلم السلطة بعد الإنتخاب والإستفتاءِ فى الرابع والعشرين
من أكتوبر أى بعد أقل من عشرون يوماً .
8- يلزم مراجعة الفكر فى شأن السلطات القضائية
العديدة التى تحدث عنها
الدستور ، وإن كان يستحسن رفع هَيئة قَضايا الدولة من الدستور فإن المحاماه لا تَدَخُّلَ
لها فى السلطة القضائية ، ثم أنه يجب بحث ضم السلطات القضائية فى عباءةٍ واحدة حتى
يستقر مبدأ تنفيذُ أحكام القضاء بعيداً عن التدخلاتِ السياسيةِ فى هذه السلطة ، ومن
هنا يجب مراجعة المادة (188) والتى أعطت مُهلة من خمسة عشر يوماً لِنشر القوانين بِالجريدةِ
الرسمية ، وبدأ تَطبيقِها بعد ثلاثين يوماً من نَشرِها ، وهو أمرٌ غير مفهومٍ الهدف
منه دستوريا . كما يلزم تعديل المادة (166) بشأن أحكام المحكمة الدستورية فيما
ذهبت إليه المادة من أن القانون ينظم مايترتب على الحكم بعدم دستورية نص
من آثار ، وهو ما يعد تدخلا من جانب السلطة التشريعية فى السلطة
القضائية ، وهو ما رفضه الشعب حين أقره الدكتور مرسى فى دستوره وقراراته ، وليس من
المنطقى تكرار الخطأ .
يَتبقى لى تَعقيب واحد على الوثيقة التى
أناقشها وهى المادة (50) تلك التى أَعْلَتْ حَق المواطنين فى الحصول على المعلوماتِ
والبياناتِ والوثائقِ ، وقررت حق الإفصاح . وبِذا إكتَسَبَتْ المادة المكانةَ
المرموقة من الدستورِ كأفضل ما أضيف إلى الدساتير المصرية كلها وهو ما تستحق
اللجنة التقريظ عليه .
No comments:
Post a Comment