أرض الأحرار
الحريةُ هى أثمن مَا يَمْلِكُ الإنسان ، فَبِدونِها
لا يسعدُ بِمالِهِ ولا أَبنائِهِ ، ولا ينعمُ بالأمنِ والطمأنينةِ من إعتداءِ
اللآخرين . وقد تَعارف الناسُ على أن حُدودَ الحريةِ لا تَنْتَهى إلا عِنْدَ
حُقوقِ حرياتِ الأخرين ، فليسَ مِنَ الحريةِ أنْ تعتدى على حُرياتِ الآخرين .
وتَقوم الحكومةُ المصرية ألأن بِإصدارِ قَانونٍ
يَفْرِضُ عُقوباتٍ بالحبسِ والغرامةِ عَلى مَنْ لا يَلتزِمُ بِتحيةِ العلمِ ولا يَقِفُ
إحتراماً للسلامِ الجمهورى .
وبدايةً تَجْدُرُ الإشارة إلى أنّ هَذا
القانون لا مَثيلَ لَهُ فى العالم المتقدم الحديث . وهو قَانونٌ يُنَازِعُ
الفردَ فى حُريتهِ لأن عَدم قِيامَهُ بِتحيةِ العَلَمْ لا يُمثلُ إعتداءً عَلى حُريةِ
أحد . كما وأنّ اللهَ تَعالى قد قَبِلَ أنْ يَكْفُرَ بِهِ البعض دُونَ أنْ يَحرمَهم
مِنْ حُقوقهم الدُّنيوية مِنَ الرّزق وما سواه .
فإذا كنا نُريدُ أنْ تُسمى مِصر بِبَلدِ
الأحرار ، فإنّ الحُريةُ صَعْبَةُ المنال ، وَدُونَها التضْحِياتُ الجِسَامْ ، إذ
يَجِب أن يَتَقَبل الفردُ شَخصاً يُدافِعُ بِأعْلَى صَوتِه عَن قَضيةٍ أفْنَى هُوَ
عُمرُهُ فى الدِّفاعِ عَنْ عَكْسِها بِأعلى صَوْتِه ، وأنْ يَكْبَحَ جِمَاحَ نَفْسِهِ
فى أنْ يَعتدىَ عَليهِ بِالقولِ أو الفعل ، فَكُلُ الرأىِ صَوابٌ يَحْتَمِلُ الخَطأ
، وخطأٌ يَحْتَمِلُ الصواب .
فَعِندما نَرى فِى
مِصرَ شخصا يُحيى العَلَمُ ويحتَرِمُ حَقّ جَاره فى ألا يُحيِّىَ العلم ، فإنّه يُمكِنُنَا
القَولُ بأنّ مِصرَ هِىَ أرضُ الأحرار .
ثم ما إحتياجُ مِصرَ أن تُجْبِرَ أهْلُها
عَلى حُبِها وإحترامِها إن لم يَكونوا يُحبوها ويَحترموها طَواعِيَةً ، فإنّ مِصرَ
مَازالَ يُحِبُها أهْلُها طَالما أحَبّ أهْلُها بَعضَهُم البَعْضُ ، وعَاونَ أهْلُها
بَعضَهم البعض .
No comments:
Post a Comment