انتبهوا أيها المصريون العدو من أمامِكم وقبرص من
خلفكم
طالعنا
البنك المركزي أمس ما نشره الأهرام في عدد 21 فبراير بعنوان عريض يخبرنا فيه
بالحقيقة المخففة للوضع الاقتصادي المصري ، بأنّ قَدرَ الدين الداخلي يَصل إلى
حوالي 1.6 تريليون جنيه ، وهذه هي الحقيقة المخففة ، أما الحقيقة المُرة فهي أنّ
هذا الدين كان في نهاية شهر سبتمبر الماضي ، فإذا قدرناالزيادة الشهرية للدين بنفس
نسب الزيادة في الاشهر السابقة ، فمن المحتمل أن يكون الدين العام الداخلي في
نهاية العام المالي 1.75 تريليون جنيه ، وإذا استرسلنا نضيف عليها الدين الخارجي
الذي يصل إلى 47 مليار دولار أيضًا بنهاية سبتمبر الماضي ، وبتطبيق نفس المبدأ فقد
نجد الدين الخارجي في نهاية العام المالي يصل إلى 52 مليار دولار تساوي تقريباً 370
مليار جنيه بما يصل بإجمالي الدين إلي 2.15 تريليون جنيه .
واستمرارًا
للوضع نجد في نفس عدد الأهرام ولكن في صفحة أخري أنّ أموال التأمينات الإجتماعية ،
وكانت في زمن الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية قد ضمها إلي أموال وزارة
المالية بما يشكل دَيْنًا آخرًا على الحكومة ، فيتضح أنّ أصل الديْن 539.5 مليار
جنيه فإذا أضفنا فائدة مركبة بواقع 6% سنويًا على هذا الدين فقد يصل إلى 880 مليار
جنيه . فإذا أضفناه علي الدين السابق فقد نصل إلى 3.05 تريليون جنيه . وبعد أن
انتقلنا من الحقيقة المخففة إلى الحقيقة المرة ، فإن موضوع دين التأمينات قد
ينقلنا الي حالة الحقيقة المرعبة ، فلعلنا في الفقرة القادمة قد ننتقل إلى الحقيقة
الصادمة ، ألا وهي نشرة البنك المركزي عن الحالة الاقتصادية (Economic Review – Vol. 53 No. 3) والخاص بعام 2012/2013 وهو أحدث تقرير للبنك والذي احتوي في
صفحته الخامسة ما يفيد أن إجمالي الناتج القومي لعام 2012/2013 هو 1.3 تريليون
جنيه مقيم بسعر السوق ، وأن الناتج الحقيقي 1.152 تريليون كتكلفة بمعدل نمو 2.3% .
وتناول
التقرير أن الودائع بالبنوك شبه ثابتة في القطاع الحكومي وقطاع الأعمال والأفراد ؛
أما القروض الحكومية قد زادت بحوالي 25% بينما إنخفضت قروض القطاع الخاص بنسبة 70%
وإنخفضت بالنسبة للقطاع العام بنسبة 60% فيما يوضح زيادة الإضرابات للمطالب
الفئوية للقطاع العام ، بينما إرتفعت قروض الأفراد بنسبة 11% تعزيزًا لنشاط البنوك
في القروض السلعية .
وبفعل
مجموعةٍ من الإجراءات التي إتخذها البنك المركزي تحولت السيولة من عجزٍ يبلغ 26 مليار
في يونيو 2012 إلي فائض يبلغ 17 مليار في مارس 2013 ؛ وهو السبب في انخفاض سعر
الفائدة ، وهو أمرٌ مطلوب وهو مرشح للإستمرار ، ولكن استمراره يجب أن يتواكب مع
إجراءاتٍ من الحكومة لتنشيط قطاع الأعمال العام والخاص لامتصاص هذه الفوائض في
هيئة تمويل صناعي وخدمي ، وإلا واجه القطاع المصرفي الكثير من المشاكل ، خاصة مع
بداية إصلاح العجز في موازنة الحكومة التي تعتبر حاليا المقترض الأكبر من الجهاز
المصرفي التجاري .
أما
فيما يخص ميزانية الحكومة التي أوردها التقرير في صفحة61 و 62 و 63 فقد أظهرت
عجزًا يصل إلي 176 مليار جنيه ، وذكر التقرير بأنه قد تم تمويله بمبلغ 220 مليار
جنبه منها 173 مليار تمويل بنكي و 48 مليار عبارة عن 13 مليار فروق تقييم أصول و
35 مليار غير معلومة وهي في حكم المصروفات وأوردها التقرير تحت عنوان ((Unclassified . وكانت إيرادات الحكومة من يوليو إلي مارس 208 مليار جنيه وإنّ
مصروفات الحكومة بالمقابل في نفس الفترة هو 382 مليار جنيه بعجز 176 مليار يمثل
45% بحيث يمكن توقع الثلاثة أشهر النهائية في السنة المالية المذكورة فتكون
مصروفات الحكومة 510 مليار مقابل إيرادات
275 مليار بعجز 235 مليار يمثل أيضًا 46% .
وقد
يكون مِن المفيد أن نبين بنود مصروفات الحكومة ، وهي كالأتي : الدعم 117 مليار ، ألأجور
103 مليار ، فوائد الديون 102 مليار ، مصروفات أخري 24 مليار ، خدمات 16 مليار ،
وإستثمارات 21 مليار .
ولكن
ما خلاصة هذا الأرقام في مجملها وما دلالتها لدي المواطن العادي ؟ . الخلاصة هي أن
الناتج القومي هو 1.152 تريليون ، وتبلغ إيرادات الحكومة السنوية 275 مليار جنيه ؛
والحكومة مديونة بمبلغ 3.05 تريليون أي حوالي ثلاثة أمثال الناتج القومي . والمطلوب
من الحكومة أن تسدد 3.05 تريليون جنيه من إيرادات قدرها 275 مليار جنيه في العام .
أفليس
ذلك صادمًا ؟ أفبهذه الأوضاع الإقتصادية يَسعي الناسُ لِلترشح لِرئاسةِ الجمهورية
فيكون مسئولًا عن سداد هذا الدين مع تحسين أوضاع المواطنين الفقراء ؟ وهل سَتصلُ مِصر
إلي الحال الذي وصلت إليه قبرص منذ شهور ؟
No comments:
Post a Comment