Monday, August 5, 2013

الخطأ والصواب

أَوْدَعت محكمة النقض حيثيات حُكمها بإلغاء حكم محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة أحمد عز بالسجن سبع سنوات وتغريمه مبلغ 19 مليار جنيه فى قضية إتهامه بغسل الأموال المتحصله من جريمتى التبرع والإستيلاء على المال العام .
ولست بصدد مناقشة حكم محكمة الجنايات التى أدانته ، أو قرار إتهام النيابة له وبإحالته ، أو حتى حكم محكمة النقض بإلغاء حكم محكمة الجنايات ، ولكننى تأملت حيثيات حكم محكمة النقض التى إنتهت إلى إدانته ، أو قرار إتهام النيابة بإحالتة أو حتى حكم محكمة النقض بإلغاء حكم محكمة الجنايات ؛ ولكننى تأملت حيثيات حكم محكمة النقض التى إنتهت إلى إلغاء الحكم الطعين ، فاصابنى الذهول .
وهذه الحيثيات أوردت ما يمكن أن يتلخص فى النقاط التالية :
1-   إن حكم محكمة الجنايات لم يبين ألأفعال التى تم بها غسيل ألأموال وتاريخ كل فعل . وحجم الأموال التى تم غسلها فى كل فعل ، والفترة الزمنية التى تم فيها غسل الأموال ، ومقدار كل جزء من المال الذى أخضعة أحمد عز لعمليات بنكية معقدة ، وكذلك عمليات الإستبدال والتحويلات المصرفية والعقارية والمنقولات التى إشتراها من تلك الأموال ، و الشركات الوهمية التى تم تأسيسها بالداخل و الخارج حصراً .
2-   الحكم لم يبين كذلك أفعال غسيل الأموال التى تمت داخل جمهورية مصر العربية وتلك التى تمت خارجها ، وما إذا كانت الأفعال التى تمت  فى الخارج قد تمت فى دول تعاقب على جريمة غسيل الأموال من عدمه .
3-   الحكم أغفل الحديث عن الركن المعنوى ، ولم يحدد على وجه الضبط المبالغ مجال الجريمة التى ربط لها المشرع عقوبة  تعادل مثلى الأموال كغرامة.
4-   أن الحكم حاسب أحمد عز عن وقائع منذ عام 1999 وهى سابقة على تاريخ سريان قانون غسيل الأموال الواقع فى 23 مايو2002.
والأهم من ذلك أن محكمة النقض قد ذكرت فى حيثياثها أن محكمة الجنايات كان يتعين عليها ان تنتظر صدور حكم بات فى شان مصدر تلك الأموال . أى أنه لا مجال للحديث عن جريمة غسل أموال مالم تكن الأموال متحصلة من مصدر غير مشروع ويشكل جريمة .
وأنا لا أقصدُ أن أذهب إلى أنَّ هذا الحكم ، أو مايماثله من أحكامٍ ، هى أحكامٌ مُسيّسة ؛ ولكننى أدعو القائمين على شأن العدل فى مصر أن يتأملوا جيداً حيثيات هذا الحكم ، وأن ينظروا فيما إذا كان نظام التقاضى الحالى وما يشمله من تكدس عدد القضايا لدى الدوائر ، هو الأثر الذى أوجد هذه الأخطاء التى تبينها محكمة النقض بين الحين والأخر فى أحكام محاكم الجنايات ؛ أم إن كان يجب تأهيل القضاة بدوراتٍ وبعثات دراسية لرفع المستوى ؛ أم إذا كان التكدس والإزدحام فى دور المحاكم الناتج عن قلة عدد القضاه وقلة دور المحاكم وهو ما يظهر من قلة أيام إجتماع هيئة المحكمة مكتملة لبحث القضايا ، هو السبب.
 والرأى عندى أن كل هذه الأسباب إشتركت بصورة ما فى الوصول بنا الى مثل الحكم الذى نتحدث عنه .  وإننا يجب أن نأخذ بناصيه الأمور وان ننهض إلى مواجهة هذه الأسباب مجتمعة ، فإنه إذا ذهب العدل ذهبت مصر.

4 أغسطس 2013                                                         عبد السلام الشاذلى

No comments:

Post a Comment