نشرت الأهرام فى عدد الجمعه 23 أغسطس 2013 فى
خبر كتبه الأستاذ محمد عنز وآخرين على سند من قول معظم الأحزاب السياسية ، وذكر
منها جبهة الإنقاذ الوطنى والأستاذ/ عبد الغفار شكر رئيس
حزب التحالف الشعبى وحزب النور وأمين عام حزب الجبهة الديمقراطية ، بدعوى أن الإنتخابات
الفردية التى رشحتها لجنة تعديل الدستور مرفوضة لأمران :
الأول : أن نظام القوائم هو الأفضل والأنسب
للحالةِ المصرية لِيتمكن الشبابُ والأقباط والمرأة من التمثيل المتوازن فى
البرلمان .
أما الثانى : فهو أن الإنتخابات بالنظام
الفردى تتعارض مع طبيعة النظام المختلط الذى أقرته اللجنه كنظام ، وحدد هذا
التعارض فى أنه يتسبب فى نجاح عدد كبير من المستقلين ، وهو إنتقاصٌ من تكوين
أغلبيةٍ برلمانية يتشكل منها وزارة مستقرة ، وأنه أيضا نظام يؤدى إلى إضعاف
الأحزاب.
وقد رأيت أن أعلق على هذا الرأى لتأثيره
العظيم فى إستقرار نظام ديمقراطى .
إن النظام المختلط - الذى رشحته لجنة تعديل
الدستور للجنة الخمسين التى سيكون من شأنها ترشيح هذا النظام أو سواه للإستفتاء
عليه فى هيئة دستور - هو نظام تبنته فرنسا من قديم الزمان ، وتعتبر أكبر الدول
التى تستخدم هذا النظام الذى تبنته قليل من الدول وهو بالتأكيد ليس النظام الأكثر شعبية
فى دساتير العالم ، فلم يتبناه إلا القليل من الدول.
وقد طورت فرنسا قوانين هذا النظام على مر
عصورٍ من الفشل ، حتى صمد هذا النظام بعد التعديلات التى أدخلتها عليه الجمهورية
الخامسة فى 1958 .
ويتلخص النظام فىما انتهى إليه إلى تقسيم
فرنسا إلى 577 دائرة إنتخابية فردية ، ينجح فى كل دائرةٍ مرشح واحد فى إنتخابات من
دورتين ، حيث ينجح المرشح الذى يحصل على أكثر من 50% من أصوات الحضور بشرط ان يحضر
مايزيد عن 25% من الناخبيين المقيدين فى الدائرة ، فإذا لم يتحقق أى الشرطين تحدث
انتخابات الإعادة فى الدورة الثانية وتكون الإعادة بين الإثنين الأوائل وأحيانا الثلاث
أو الأربعه الاوائل إذا حصل أحدهم على 5,12 % من
أصوات الناخبين .
هذا هو شأن الإنتخابات فى فرنسا ، صاحبة
النظام المختلط ، فهى لم تتبنى نظام الإنتخابات بالقوائم . بل إنه على إتساع معظم الدول على إختلاف نظمها لم تتبنى موضوع
الإنتخاب بالقوائم .
وقد إستقرت الدول المتقدمة على ان تمثيل
الأقليات فى المجالس النيابية لايؤتى غالبا بأثره فى حماية حقوق الأقليات ، حيث
تكون الأقليات ممثلة بأقلياتٍ أيضاً فى المجالس النيابية أيضا ، وأن التصويت على
القوانين فى المجالس يكون بأغلبية الأصوات ، فلا تستطيع الأقلية تعطيل القانون . ونتيجة
لذلك ذهبت كافة الدول المتقدمة إلى إقرار مبدأ هام فى الدستور ، ذلك الذى نصت عليه
الدساتير المختلفه ، بأن الأغلبية لا تُمَكن من الإجتماع على تَكْدِير أوإضطهاد أو
الإضرار بالأقلية ، وعند مخالفة هذا المبدأ يقضى بعدم دستورية القوانين .
ولكن فرنسا أقرت فى قانون الإنتخابات مبدأً
إضافياً ، وهو أنها قيدت الحزب بأن يرشح مابين 49% إلى 51% من النساء ، وأن يعاقب ألحزب
الذى لا يحقق هذا الشرط بتخفيض مبلغ الدعم الحكومى للحزب ، وعادة ما تخالف الأحزاب
الغنية هذا الشرط متحملة الغرامة المالية .
وعلى جانبٍ أخر يظهر للباحث أن إستخدام نظام
القوائم فى مصر لم يأتى بالنتائج التى تُسَبِّبُ بها الأحزاب إختيار نظام القوائم
. فإن نتائج الإنتخابات البرلمانية للمجلس الأخيرة التى أجريت بالقائمة أتت بعكس
هذه النتيجة .
وفيما يلى يبن الجدول عينة من نتائج
الإنتخابات البرلمانية الأخيرة التى أجريت فى 2011 والتى تمت بالقائمة ، ويبين عدد المقاعد
بالدائرة عدد نواب كل حزب ونسبة الاصوات التى حصل عليها .
عدد مقاعد
|
الحرية والعدالة
|
النور
|
الوفد
|
الكتلة المصرية
|
المواطن المصرى
|
|
بورسعيد
|
4
|
1 -
33%
|
1 - 21%
|
1 -
14%
|
1 - 10%
|
-
|
كفر الشيخ 1
|
4
|
2 -
45%
|
1 - 40%
|
-
|
1 - 6%
|
-
|
الأقصر
|
4
|
1 -
37%
|
1 - 16%
|
1 - 11%
|
1 - 13%
|
-
|
البحر الأحمر
|
4
|
1 -
36%
|
-
|
1 - 10%
|
1 - 17%
|
1 - 14%
|
الأسكندرية
|
6
|
2 -
34 %
|
2 - 30%
|
1 - 6%
|
1 -
16%
|
-
|
ومن الجدول يظهر أن أعداد الناجحين من كل حزب ينحصر فى ألإسمين الأوائل فى
القائمة ، ومن الواضح أن قوائم الأحزاب لم تحتوى على شباب أو مسيحيين أو نساء فى
الأربعة أسماء الأول وهو ما بينه أيضا التشكيل النهائى للمجلس.
ومن المعلوم أن قادة الأحزاب السياسية لا تغيب عنهم هذه الحقيقة فهم أناسٌ
مثقفون ، ولكن ما فائدة الإنتخابات بالقائمة إذا ، وسرعان ما تأتى الإجابة ، فإن
الإنتخابات بالقائمة تضمن لقيادات الأحزاب دخول المجلس بلا منافسه تذكر فإن الحزب
الحاصل على نسبة لاتزيد عن 10% من أصوات الدائرة يدخل بها أحد قيادته إلى المجلس
كما رأينا من الجدول . فهل هذا تمثيلا عادلا أو مفيداً للشعب ، أم أن ترك الأمر
للمواطنين لإختيار من يمثلهم هو ألأفضل للوطن .
وفى الموضوعِ عثرةٌ أُخرى وهى أن
المحكمة الدستورية العليا قد حكمت ثلاثة مرات بعدم دستورية الإنتخابات بالقائمة
لإخلالها بتكافئ الفرص المنصوص عليه فى الدستور ومهما أجريت على القانون من عمليات
تجميل فلا يوجد ما يطمئن الناس على أن تقره المحكمة الدستورية خاصة بعد إلغاء
الرقابة المسبقة على دستورية قانون الإنتخاب .
أما ما ذُكر بشأن عدم تَكون
أغلبية برلمانية يَتَشكّل منها وزارة ، فهو أمر مردودٌ عليهِ بأن جميع النظم
المعاصرة تتشكل وزاراتها بإئتلافاتٍ بعد أن أصبح التعليم والثقافة فى متناول عدد
أكبر ، فأصبح تأييد المواطن لحزبٍ يأتى على خلفيةٍ من الدراسة وشرح أجهزة الإعلام
، كما ولو كان المواطنون فى العالم يقولون لنا لقد تولى زمن وزارة الأغلبية فى
النظم البرلمانية أو المختلطة .
أما الادعاء بأن هذا النظام
يُسببُ إضعاف ألأحزاب ، فلا ريب إن هذا هزل وليس جد ، أفيمكن أن تكونَ ألأحزابُ فى
مصر قوية وعددها يربوعلى السبعين حزبا. وألأجدى أن تتوجهَ ألأحزابُ للضغطِ على
الحكومة لكى تدعم الأحزاب الجدية حتى تستطيع أن تثرى الحياة السياسية أسوة بدول العالم
.
No comments:
Post a Comment